ليس ما قرّر في الكتاب ولا يتوقف هذا على تقدير من قبل بين الثاني بل ولا إعادة بين كما حققه الشارح المحقق رداً على غيره من الشراح، وإنما ذهبوا إلى ما ذكر صوناً لكلام الله على زيادة من غير فائدة لكن فيه بحث لا يخفى. قوله:
(وهذه تمثيلات) أي ما في مقول قولهم من الأكنة وما بعده استعارات تمثيلية، ثم بين ما استعير له على الترتيب بقوله لنبوّ الخ المراد بالنبوّ عدم القبول، أو البعد عنه وهذا أقرب وهو إما من نبوّ السيف لكلاله أو من النبوة وهي الارتفاع، والتباعد واعتقادهم معطوف على قلوبهم فقولهم قلوبنا في أكنة استعير لبعيدة عن فهم ما تدعونا إليه ووجه الشبه ظاهر، وقوله: ومج أسماعهم له هو ما استعير له في آذاننا وقر، والمج رمى المانع من الفم ونحوه والمراد به عدم القبول لما سمعوه حتى كأنهم صم، وقوله: وامتناع الخ هو ما استعير له ومن بيننا وبينك حجاب والمراد تباعد ما بين الدينين، وما هم عليه وبين الرسول ﷺ وما هو عليه والمراد بهذا إقناطه عن اتباعهم حتى لا يدعوهم إلى الطريق المستقيم. قوله: (على دينك أو في إبطال أمرنا (على التفسير الأوّل هو متاركة وتقنيط عن إتباعه، والمقصود هو الثاني والأوّل توطئة له والمعنى إنا لا نترك ديننا بل تثبت عليه كما تثبت على دينك، وعلى الثاني هو مبارزة بالخلاف والجدال. قوله: (لست ملكاً ولا جنياً (إشارة إلى ما يفيده الحصر الأوّل، وقوله: لا يمكنكم التلقي منه إشارة إلى أنه جواب عن قولهم قلوبنا في أكنة الخ ورد له، وقوله: ل! ست الخ رد لقم لهم: بيننا وبينك حجاب فإنه ليس ملكا ولا من الجن حتى لا يصلوا إليه، وقوله: تنبوا عنه العقول والأسماع جواب عن قولهم قلوبنا الخ، وفي آذاننا ولم يرتض ما في الكشاف من أنه استدلال على صحة نبوّته ووجوب اتباعهم لدعوته. قوله:) وإنما أدعوكم الخ (هو تفسير اصلحصر الثاني، وأدعوكم تفسير لقوله يوحي إليئ فإنه إنما يوحي إليه لدعوة الخلق والحصر في التوحيد
والاستقامة في العمل من قوله: فاستقيموا إليه، وقوله: قد يدل عليهما الخ المضارع للاستمرار وقد للتحقيق كما في قوله: قد يعلم ما أنتم عليه يعني دعوته منحصرة فيما ذكر وهو أمر محقق عقلاً ونقلاً فليس يسوغ مخالفته. قوله: (فاستقيموا في أفعالكم) إشارة إلى أن الاستقامة، وهي عدم الاعوجاج مستعارة للإخلاص في الأفعال وعدى بإلى لتضمينه معنى متوجهين إليه أو الاستقامة بمعنى الاستواء وهو يتعدى بإلى كما في قوله: ﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء﴾ [سورة البقرة، الآية: ٢٩] ومعناه القصد وعلى كل من التفسيرين يجوز أن يكون من الموحى إليه وأن يكون من المقول، وكذا ما بعده كما قيل، وقيل إنه على الأوّل من الموحى إليه وعلى الثاني من المقول وعليه اقتصر الزمخشري ويؤيده قوله برو: " قل لا إله إلا الله ثم استقم " ولا يخفى أنّ قول المصنف قبل إنما أدعوكم إلى التوحيد والاستقامة يعين كونه من الموحي، والموحي من القول فلا فرق بينهما فتأمّل. قوله: (مما أنتم عليه الخ (يعني المراد بالاستغفار هنا الرجوع عن الكفر والمعاصي، إذ الاستغفار بمعناه المتبادر لا يفيد المشركين، وقوله: من فرط الخ ولو قال من شركهم كان أظهر وهو مراده. قوله: (لبخلهم وعدم إشفاقهم على الخلق الأنهم لو كان لهم شفقة أعطوا الفقراء من مال الله، وهذا لا ينافي كون السورة مكية والزكاة إنما فرضت بالمدينة لأنّ المفروض بالمدينة تقدير ما يخرج، وقد كان الإعطاء مفروضاً بمكة من غير تعيين كما في قوله تعالى: ﴿وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [سورة الأنعام، الآية: ١٤١] وقد مرّ تفصيله في سورة الروم، وقوله: وذلك يعني البخل وعدم الإشفاق وأفرده لتأويله بما ذكر. قوله:) وفيه دليل على انّ الكفار الخ) كما ذهب إليه الثافعية كبعض الحنفية كما فصل في الأصول والذاهبون إلى خلافه يقولون هم مكلفون باعتقاد حقيتها فمعنى الآية لا يؤتون الزكاة بعد الإيمان وأما حمله على أنهم لا يقرّون بفرضيتها كما قيل: فبعيد وقد قيل كلمة ويل تدل على الذم لا التكليف وهو مذموم عقلاً، وقوله: وقيل الخ فالزكاة بالمعنى اللغوي فلا دليل فيها لما ذكر ومرضه لأن قوله: يؤتون يأباه ولأنه لا حاجة إليه وأما كون الإتيان ورد في نحو قوله: ﴿وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى﴾ [سورة التوبة، الآية: ٥٤] فلا يفسر به كما قيل للفرق بين الإتيان والإيتاء فتأمّل. قوله:) حال مشعرة الخ) يعني أنه للإشعار بما ذكر جعلت هذه الجملة حالاً لم تعطف
على ما قبلها، وهم الأوّل مبتدأ والثاني ضمير فصل لا مبتدأ ثان وتقديم بالآخرة للاهتمام ورعاية الفاصلة. قوله: (من المت) بمعنى تعداد النعم، وأصل معناه الثقل فأطلق على