ذلك الإنشار فهو صفة مصدر من لفظ الفعل المذكور، وفي نسخة الانتشار على أنه من غير لفظه ولا وجه له وفيما ذكر دليل على إمكان البعث، وقد مر تقريره. قوله: (أصناف المخلوقات) بيان لأنّ الزوج هنا بمعنى المصنف لا بمعناه المشهور، وما قيل من أنّ ما سواه تعالى زوج لأنه لا يخلو من المقابل كفوق وتحت ويمين وشمال، والفرد المنزه عن الفقابل هو الله سبحانه وتعالى دعوى اطراده في الموجودات بأسرها لا تخلو عن النظر. قوله: (ما تركبونه على تنليب المتعدّى بنفسه الخ) يعني أنّ ما الموصولة عائدها مقدر، ولما كان الركوب في الفلك يتعدى بواسطة الحرف، وهو في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ﴾ [سورة العنكبوت، الآية: ٦٥] وفي غيره يتعدى بنفسه كما قال لترجمبوها، وقد اجتمعا هنا فغلب المتعدي بنفسه على المتعدي بالحرف، ولذلك: قدره فيهما ما تركبونه والتغليب من المجاز، وليس التجوّز هنا في الفعل ولا في ما وضميرها في النسبة إلى المتعلق لئلا يلزم كثرة الحذف لو قدّر أو يحتمل ان ينزل تركبون منزلة اللازم أي تفعولن الركوب فيشملهما من غير تغليب والركوب قسمان ركوب في الشيء كالسفينة، والهودج وركوب عليه كالفرس، والحمار فما قيل إنه ليس فيه فعلان متغايران بالذات وهم فتأمّل. قوله: (أو المخلوق للركوب الخ) أي غلب المخلوق للركوب كالدابة على المصنوع له كالسفينة، والمحمل فالتغليب على هذا في ما وضميره الذي تعدّى إليه بنفسه دون النسبة إلى المفعول وقد كان وجهه في الأوّل أنه نظر إلى التعلق فغلب ما هو بغير واسطة على غيره وهنا التغليب في أحد المركوبين لقوّته لكونه مصنوع الخالق القدير، أو لكثرته فالفرق بين الوجوه ظاهر لاختلاف المغلب ووجهه فيها. قوله: (ولذلك) أي لأجل التغليب في الوجوه كلها إذ غلب ما ركب من الحيوان على السفن عبر عن القرار على الجميع بالاستواء على الظهور المخصوص بالدواب، وهو في غاية الظهور وكلمة على أيضاً مؤيدة لما ذكر، وان وردت فيهما في قوله: ﴿وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾ [سورة المؤمنون، الآية: ٢٢] وان لم يقل إنه مشاكلة، وقيل: الإشارة بذلك إلى الوجه الثالث أو الأخيرين مع تقديره كما قررناه ولا يخفى ما فيه، وقوله: وجمعه أي ظهور مع إضافته لضمير مفرد باعتبار لفظ ما المتعدد معنى فلذا جمع رعاية لمعناه، ولفظه معا. قوله: (تذكروها يقلوبكم) فالذكر هنا بمعنى التذكر وهو ذكر قلبي من أنواع الشكر، وعطف القول عليه ظاهر
فيما ذكر ولما كانت معرفة المنعم وأنعامه تستتبع الاعتراف بذلك، والحمد عليه قال معترفين الخ فالأوّل بيان لمدلوله وهذا بيان لما يلزمه من روادفه، والمذكور في النظم ما هو الأصل المعتبر أو المراد بالذكر ما يعم القلبي واللساني بناء على مذهب المصنف في تجويز استعمال اللفظ في معنييه، ولما ذكر الركوب وصوّره بقوله: لتستووا الخ الدال على انقياد الركوب، وتذلله أشار إلى أنه نعمة من الله وفضل لولاه ما تمكن منه أحد، ولذا قرن بسبحان الدال على التعجب وليس هذا وجهاً آخر كما قيل. قوله: (سبحان الذي سخر لنا هذا (أي ذلطه وجعله منقاداً وليس الإشارة للتحقير بل لتصوير الحال، وقوله: مطيقين يعني أصل معناه جعله قرنا وقرينا له ولما كان قرين الشيء مقاومه فهو مطيق له أريد به لازمه، ثم جعل ذلك معناه حقيقة لما استعمل بهذا المعنى كما قال:
وأقرنت لما حملتن! وقلما يطاق احتمال الصد يا دعد والهجر
فقوله: إذ الاصعب الخ القرين بمعنى الكفء، والمعادل وهو بيان للمناسبة بين معناه الأصلي وما أريد منه وكونه تعليلا لقوله: ﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ في غاية البعد وان ظن قريباً، وقوله: قرئ بالتشديد أي تشديد الراء مع فتحها وكسرها فإنه قرئ بهما وهما بمعنى المخفف. قوله: (وعنه عليه الصلاة والسلام الخ) قال ابن حجر هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي غيرهم واً سنده الثعلبي بلفظه المذكور هنا ولم يثبته غيره، ثم إنه وقع في الكشاف اًن النبيّ ﷺ كان إذا ركب السفينة قال: " بسم الله مجراها ومرساها " واعترض عليه ابن حجر بأنه يعرف هذا رواية ولا دراية لأنه لم يعهد أنه ﷺ ركب السفينة في زمان نبوّته، وذكر مثله الشارح المحقق في شرحه، وأمّا ما وقع في النسخ المشهورة وهو ما صورته، وقالوا: إذا ركب في السفينة قال: " بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لففور رحيم فلا يرد