والأمر واحد الأمور أو الأوامر. قوله: (من دّهاب ملكهم وهحهم على يد مولود منهم) بيان لما يحذرون ولا شبهة في أنه المحذور عندهم، وهو الذي خافوا منه بعد إخبار الكهان حتى حملهم على القتل كما مرّ، ولذا فسره الشيخان بما ذكر وأمّا كون ذلك مرئيا فإن كانت الرؤية بمعنى لمعرفة وهم قد عرفوا ذلك لما شاهدوه من ظهورهم عليهم، وطلوع طلائعه من طرق خذلانهم فظاهر، وان كانت بصرية وهو المناسب للبلاغة فالرؤية لمقدماته، وعلاماته جعلت رؤية له مبالغة وهذا مستفيض بينهم حتى يقال رأى موته بعينه وشاهد هلاكه كما قال بعض المتأخرين:
أبكاني البين حتى رأيت غسلي بعيني
أو المراد رؤيته وقت الهلاك فلا يرد أنهم لم يروا ما ذكر، وإنما الراتي له بنو إسرائيل وبقية ممن هلك حتى بقيت بظهور موسى لأنّ هذين ليسا مما أرواهم كما قيل مع أنه عين تمكينهم منهم فلا يناسبه عطفه عليه، وأمّا ردّه بأنّ الأبصار لا يتوقف على الحياة عندنا، أو المراد إراءة طلائعه أو تعريفه وأنّ الصواب أن يقول مما رأوه فناشئ من عدم التأمّل مع أنه حرّف عبارته إذ ظن أن هم في أرواهم مفعولاً ثانيا، وهو تأكيد لنائب الفاعل. قوله تعالى: ( ﴿وَجُنُودَهُمَا﴾ ) الإضافة إليهما إمّا تغليبا أو كان لها من جند مخصوصون به، وأن كان وزيرا أو لأنّ جند السلطان جند لوزيره، والحذر التوقي مما يضرّ ولما كان الوحي للأنبياء عليهم الصلاة والسلام فسره بقوله بإلهام أو رؤيا منام صادقة قص فيها أمره وأوقع الله في قلبها تيقنه، أو بإخبار نبيّ في عصره لها أو برؤية ملك كما وقع لمريم إذ قد يراه غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قيل وقوله: إنا رادّوه الخ يأبى كونه إلهاً ما لأنّ البشارة تقتضي العلم به، وفيه نظر وأن في أن أرضعيه مصدرية أو مفسرة كما مرّ، وقوله ما أمكنك إخفاؤ. أي في مدة إمكانه، وقوله: بأن يحس به بأن يعرف ولادته وقوله يريد النيل لأنه يسمى بحرا وان غلب في غير العذب، وقوله ضيعة أي فقدا بذبحه أو غرقه، أو شدّة من عدم رضاعه في سن الرضاع وقوله عن قريب أخذه من اسم الفاعل لأنه حقيقة في الحال أو من السياق، والطلق بفتح فسكون وجع يعرض عند وضع الحمل، وضربه قرب حصوله وحبالى بفتح اللام جمع حبلى معروف،
وضميرها لها أي أفزعها للقابلة، والسعاية إبلاغ خبر يضرّ المخبر عنه لسلطان أو نحوه، وقوله فأرضعته أي أمّه لقوله أن أرضعيه، والمواليد جمع مولود والعيون الجواسيس والتفحص التفتيش والتابوت الصندوق، وقوله فقذفنه فاؤه فصيحة كماء فالتقطه أي وضعته فيه فتقذفته في البحر، والتقدير في النظم فعلت ما أمرت به من إرضاعه والقائه فالتقطه الخ أي أخذه أخذ اللقطة بعض أتباعه. قوله: (تعليل الخ) في كلامه احتمالان بأن يشبه كونه عدوّا وحزناً بما يكون غرضاً تشبيهاً مضمراً في النفس مكنياً، ويدخل عليه لام التعليل على طريق التخييل لكونه علة فتكون اللام مستعملة في معناها الحقيقي ففيه استعارة مكنية تخييلية، أو يشبه ترتب الشيء على شيء والغرض منه شيء آخر بالتعليل بعلة للفعل ويستعمل فيه أداته فيكون استعارة تبعية والى هذا ذهب الزمخشريّ حيث قال هي / لام كي التي معناها التع! ليل كقوله جئتك لتكرمني سواء بسواء، ولكن معنى لتعليل فيها وارد على طريق المجاز دون الحقيقة لأنه لم يكن داعيهم إلى الالتماط أن يكون لهم عدوّا وحزنا، ولكن المحبة والتبني غير أنّ ذلك لما كان نتيجة التقاطهم شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله، وهو الإكرام الذي هو نتيجة المجيء والتأدب الذي هو ثمرة الضرب في قولك ضربته ليتأدب، وتحريره إنّ هذه اللام حكمها حكم الأسد حيث استعيرت لما يشبه التعليل كما يستعار الأسد لمن يشبه الأسد، اهـ فليس في طرفي كلامه تدافع كما توهم حتى يحتاج إلى تقدير أو تاويل، وأمّا كون لالتقاط الوجدان من غير قصد والتعليل يقتضي حقيقة القصد فوهم لأنّ الوجدان من غير قصد لا ينافي قصد أخذ ما وجد لغرض!، ويحتمل تعلق اللام بمقدر أي قدرنا الالتقاط ليكون الخ فلا تجوز فيه، وقراءة حمزة والكسائي حزنا بضم فسكون والجمهور بفتحتين وهما لغتان. قوله: (في كل شيء) العموم من حذف المتعلق، أو المعنى من شأنهم الخطأ وليس ببدع أي مستغرب إشارة إلى أنّ هذه الجملة تذييلية واعتراضية كما سيصرّح به، وهو على هذا من الخطا في الرأي، وقوله: أو مذنبين أشار


الصفحة التالية
Icon