منه قوله: إنّ حديث (من كذب على (الخ قالوا: إنه غير متواتر مع أن رواه ستون من الصحابة فيهم العشرة المبشرة إذ لا يلزم مع تواتر هذا تواتر ذاك لجواز تخلف شرط فيه، وسبب تعرّضهم للتواتر طعن بعض الملاحدة بأن القمر يشاهده كل أحد فلو انقسم قطعتين تواتر، وشاع في جميع الناس، ولم يخف على أحد، والطبائع حريصة على إشاعة ما لم يعهد مثله ولا أغرب من هذا مع أنّ الملازمة غير لازمة لأنه في الليل، وزمان الغفلة ولا يلزم امتداده، ولا أن يرى إذ ذاك في جميع الآفاق لاختلاف المطالع، وقد قيل إنه وقع مرتين أيضا. قوله: (فانشق القمر) قيل: لم يقل فشق إشارة إلى أنه فعل الله أظهره على يديه ولو قيل إشارة إلى أنه في ذاته قابل للخرق والالتئام رداً على ملاحدة الفلاسفة كان أحسن. قوله: (وقيل الخ)
فالتعبير بالماضي لتحققه كما مرّ تحقيقه وقوله: ويؤيد الخ وجه التأييد إنها حينئذ جملة حالية فتقتضي المقارنة لاقترابها ووقوعه قبل يوم القيامة، وكذا قوله: ﴿وَإِن يَرَوْا﴾ الخ فإنه يقتضي أنّ هذه معجزة رأوها وأعرضوا عنها، وقيل أيضاً التعبير بالاقتراب في مقابله، وهو الساعة / يقتضي وقوعه جسب الظاهر، وفيه نظر لجواز وقوعه بعد بعد في المستقبل، وقوله: قوله: وأن يروا الخ معطوف على فاعل يؤيد. قوله تعالى: ( ﴿وَإِن يَرَوْا﴾ آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمرّ) وجه التأييد فيه كما في شرح الآثار للطحاوي أنه دليل على انشقاقه في الدنيا لأنّ الآيات إنما تكون قبل يوم القيامة لقوله، وما نرسل بالآيات إلا تخويفا نعوذ بالله من خلاف الصحابة والاستكبار عن اتباع مذاهبهم كما قال تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ﴾ [سورة الأعراف، الآية: ٤٦ ا] الآية انتهى ولو لم يكن الانشقاق من جنس الآيات لم يكن هذا القول مناسباً للمقام كما قيل وفيه بحث لأنه لو كانت هذه الجملة حالية والمعنى أنّ الساعة اقتربت، وانشقاق القمر فيها دنا زمانه، وظهرت آثاره والحال أنهم مصرّون على العناد كان منتظما أتم انتظام ولا ضير فيه سوى مخالفته للمنقول عن السلف في تفسيرها فتأمّل. قوله: (مطرد) فالاستمرار على هذا بمعنى الدوام، وقوله: وهو يدل أي هذا الكلام على تفسير الاستمرار يدل على ما ذكر لأنّ النكرة في سياق الشرط تعمّ فكونهم كلما رأوا آية نسبوها إلى السحر دال على ترادف الآيات وتتابع المعجزات، وأمّا كون استمراره بالإضافة إلى الأشخاص لما روي من أنّ المشركين استخبروا السفار والقادمين عن الانشقاق فلما أخبروهم برؤيته قالوا: سحر مستمرّ أي عام لنا، ولغيرنا فلا ينافي هذا كما توهم لأنّ تعدد الآيات لا ينافي تعدّد من اطلع على آية منها. قوله: (أو محكم) تفسير آخر لمستمرّ من المرّة بالفتح والكسر بمعنى القوّة، وهو في الأصل مصدر مررت الحبل مرّة إذا فتلته فتلاً محكماً فأريد به مطلق المحكم كما مرّ مجازا مرسلاً، والمحكم بالفتح والمستحكم بالكسر لأنّ فتحه خطأ للزوم فعله بمعنى فالقول بأنّ الظاهر المستحكم مكان المحكم خطأ أو تحكم. قوله: (أو مستبشع) أي مستمرّ بمعنى مستبشع أي منفور عنه لشدة مرارته، وهو مجاز أيضاً واستبشاعه في زعمهم، وقوله: أو مارّ تفسير لمستمرّ وفسر المارّ بأنه ذاهب لا يبقى وهذا تعليل، وتسلية لهم من أنفسهم للأماني الفارغة، وأنّ حاله ﷺ وما ظهر من معجزاته سحابة صيف عن قرب تنقشع، ﴿وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾
[سورة التوبة، الآية: ٣٢]. قوله: (وذكرهما بلفظ الماضي الخ) مع أنّ أصل الشرط والجزاء الاستقبال فلا يعدل عنه بلا نكتة، وما عطف عليه له حكمه فالعدول فيه مع تقدم التعبير عنه بالمستقبل محتاج لنكتة، وهي ما ذكر فالقول بأنه لا دخل ليعرضوا فيه لا وجه له، ولما كان الإعراض يستلزم التكذيب عبر في أحدهما بالماضي بعد التنبيه على استمراره في المستقبل بالمضارع فإن عطف هذا على اقتربت كان ما بينهما اعتراضاً لبيان عادتهم إذا شاهدوا الآيات. قوله: (منته إلى غاية الخ) ظاهره أنه على العموم لا مخصوص بأمر النبيّ ﷺ كما قيل لكنه هو المقصود منه رداً على الكفار في تكذيبهم له، ويجوز تخصيصه بأمر النبيّ ﷺ دون غيره من الناس، وعلى التعميم هو تذييل بما هو كالمثل ولو أبقى على عمومه للعقلاء، وغيرهم كان وجها آخر وهو المذكور في الكشاف مقابلاَ لهذا، وقوله: فإنّ اليء الخ بيان للتلازم بين الانتهاء، والاستقرار حتى يكون الثاني كناية عن الأوّل لا مجازاً لصحة إرادة معناه الحقيقي فلا وجه لما قيل من أنه بيان للعلاقة