أتمو. ، وبلغوا نهايته كما قيل في قوله:
قد جبر الدين الإله فجبر
ولم يرتض المصنف ذينك الوجهين لأنّ الظاهر الاتحاد فيهما. قوله: (وزجر عن التبليغ)
أي منع بشدة كالضرب، والشتم عن تبليغ رسالته، وهذا أخبار من الله بما قاساه نوح عليه الصلاة والسلام، وعلى ما بعده فهو من مقول كفرة قوم نوح، ولذا حمل الزجر فيه على مس الجن له لأنه المناسب لقولهم مجنون، ولكونه غير ظاهر من قوله: ازدجر مرّضه كأنه لما مسه الجنون من الجن عدل عن مسلك العقلاء فشبه بمن زجرته الجن، وصرفته عن طرق الصواب ففيه استعارة حينئذ، ولا قرينة عليها، وقال الراغب: الزجر طرد بصوت ولصياحهم بالمجنون إذا طردوه قيل لمن جن: ازدجر فليس الزجر بمعنى التكهين كما توهم. قوله: (على إرادة القول) بطريق التضمين ليعمل في الجمل، وهدّا أحد القولين في مثله، والآخر أنّ ما فيه معنى القول يحكي به الجمل من غير تقدير حملا له على ما هو بمعناه، والمسألة مشهورة، وقد تقدّم تقريرها مراراً. قوله: (غلبني قومي) فعصوني، وهذا هو الظاهر، وقيل: غلبتني نفسي حتى دعوت عليهم بالهلاك، وما ذكره المصنف من الرواية لا تناسبه وخنقه من باب نصر معناه واضح، وقوله: فانهم الخ أي الحامل لهم على فعلهم هذا غلبة الجهل بالله ورسله عليهم الصلاة والسلام عليهم. قوله: (وهو) أي قوله: ففتحنا الخ مبالغة لجعل أبواب السماء تفتحت، وخرجت منها المياه كما تخرج من الترع، والجسور المفتحة، وجعل الماء لشدته هو الذي فتحها إن كانت الباء للآلة، والاستعانة، ولدّا رجح هذا على جعلها للملابسة، ونسبته إلى الله بضمير العظمة، وهذا أبلغ من قولهم جرت ميازيب السماء، وفتحت قرب الجوّ. قوله: (وتمثيل لكثرة الأمطار (أي استعارة تمثيلية بتشبيه تدفق المطر من السحاب بانصباب أنهار انفتحت لها أبواب السماء، وشق لها أديم الخضراء، ولو أبقى على ظاهره من غير تجوّز لم يمنع منه مانع إذ ورد في الأحاديث أنّ السماء لها أبواب، وأنّ بعض الأنهار يخرج منها كالنيل، والفرات فلا مانع من حمله على الحقيقة أيضا، وقوله: لكثرة الأبواب فالتفعيل لتكثير المفعول وهو أحد معانيه. قوله:) وأصله وفجرنا الخ) فالتمييز للنسبة، وهو محوّل من
المفعول، وقد يكون محوّلاً عن الفاعل، وهو الأكثر، ولذا جعل هذا منه على أنّ الأصل انفجرت عيون الأرض فإنه يكون محوّلاً عن فاعل الفعل المذكور أو فاعل فعل آخر يلاقيه في الاشتقاق، وهو تكلف لا حاجة إليه، وقوله: فغير أي عن المفعول إلى التمييز للمبالغة بجعل الأرض كلها متفجرة مع الإبهام، والتفسير، وقوله: ماء السماء، وماء الأرض فالماء جنس شامل لهما بقرينة ما قبله، ولأنّ الالتقاء يقتضي التعدد، وقوله: لاختلاف النوعين أي ثني لقصد بيان اختلاف نوعيهما والا فالماء شامل لهما، وقوله: بقلب الهمزة واوا لتطرفها بعد ألف وفيه إشارة إلى أنّ ماء الأرض فار بقوّة وارتفع حتى لاقى ماء السماء ففيه مبالغة لا تفهم من الأفراد. قوله: (على حال قدرها الله الخ) ذكر فيه وجوها الجار، والمجرور حال فيها، وعلى الأوّل القدر فيه مقابل القضاء، والأمر واحد الأمور بمعنى الشأن أي التقت المياه واقعة على حال كانت معينة عليه في الأزل لا تتفاوت، وقوله: أو على حال الخ هي كالوجه الأوّل في الأحوال كلها إلا أن قدر عين له مقدار فكل ما خرج أو نزل مقداره معين، والثالث معنى قدر كتب في اللوح المحفوظ أو هو من التقدير كما في الوجه الأوّل إلا أنّ على فيه للتعليل، والجارّ والمجرور يحتمل تعلقه بالتقى على هدّا، وفيه ردّ على أهل النجوم إذ جعلوه لاجتماع الكواكب السبعة في برح مائيّ بأنه بمحض تقديره تعالى لما قدر إهلاك هؤلاء لا لما ذكروه فتأمّل. قوله: (ومسامير) هذا أحد الأقوال فيها، وقيل هي أضلاعها، وقيل: حبال من ليف تشدّ بها السفن ودسار بكسر الدال المهملة، وقيل: إنها جمع دسر كسقف وسقف، وقوله: وهو الدفع فسميت بها المسامير لأنها تدق فتدفع بشدّة، وقوله: تؤدّي مؤذاها فالصفات أريد بها الكناية عن موصوفاتها كما يقال: كناية عن الإنسان طويل القامة عريض الأظفار بادي البشرة ونحوه، ولذا كان من بديع الكلام، وبليغه كما في الكشاف. قوله: (بمرأى) أي بمكان ترى، وتشاهد فيه هذا أصل معناه ثم كني به عن الحفظ كما مرّ، وقوله: فعلنا الخ يعني أنه مفعول له لفعل مقدر يعلم من جملة ما قبله من قوله: ففتحنا إلى هنا، وقوله: لأنه نعمة الخ يعني