بالرحمن) بذكر ضمير يعود عليه، وظاهر أنه خبر أيضاً لا مستأنف كما قيل، وأنّ القطع لأنها مسوقة لغرض آخر وقوله: يغنيه عن البيان فهو مرتبط ارتباطا معنوياً به.
قوله: (لاشتراكهما في الدلالة على أنّ ما يحس به) كان الظاهر ترك قوله به لكنه ذكره لتضمنه معنى الشعور، وهو توجيه لما يقتضيه العطف من التناسب فأشار إلى أنّ التناسب هنا باشتراكهما فيما ذكر، وليس المراد أنّ الدلالة على ما ذكر تتحقق بكل منهما بل لكل منهما مدخل فيها فهي من مجموعهما كما يقال: هما مشتركان في العبد، ونحوه: أو المراد تحقق الدلالة بكل منهما لأنّ كلاً منهما يعلم منه حال الآخر بالمقايسة فلا تسامح في كلامه كما قيل، وليس حق العبارة لإشراكهما بالأفعال دون الافتعال كما توهم، وفي الكشاف إنّ الشمس والقمر سماويان، والنجم والشجر أرضيان فبينهما مناسبة بالتقابل، وأيضا جري الشمس، والقمر انقياد لإرادته كانقياد النجم، والشجر المراد من السجود فالمناسبة بينهما بهذا الاعتبار، ولكل وجهة. قوله: (خلقها مرفوعة الخ الأنها لم تكن مخفوضة، ثم رفعت بل المراد أنها وجدت ابتداء هكذا، وليس من قبيل ضيق فم الركية السابق وقوله: فإنها منشأ أقضيته تعليل لكونه أعلى رتبة أي أشرف من الأرض كما مرّ والرفع المحلي مشاهد غنيّ عن البيان، والرفع في النظم شامل للحسي، والرتبي، ولذا قال: محلاً ورتبة دون أو رتبة لأنه من عموم المجاز أو على مذهبه في جواز الجمع بين الحقيقة، والمجاز فلا غبار عليه، وقوله: ومتنزل أحكامه تفسير لقوله: منشأ أقضيته لأنّ ما قضاه الله يثبت في اللوح المحفوظ، وأمّ الكتاب أوّلاً ويعلم به الله تعالى من في الملأ الأعلى، ويأمرهم بتنفيذه وكله في السماء. قوله: (وقرئ بالرفع على الابتداء) ولا إشكال فيه لأنه جملة اسمية معطوفة على مثلها، وأنما الكلام في النصب في أمثاله مما ولي العاطف فيه جملة ذات وجهين أي اسمية الصدر فعلية العجز هل يستوي فيه الرفع، والنصب مطلقا او يرجح الرفع إن لم يصلح للخبرية، وفيه خلاف للنحاة مفصل في المطوّلات، وقد تقدم في سورة يس في قوله: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ [سورة بس، الآية: ٣٩] طرف منه. قوله: (العدل بأن وفر الخ) فالميزان مستعار للعدل استعارة تصريحية، ولكونه أتثم فائدة قدمه، وارتضاه، وقوله في الحديث قامت السموات، والأرض قيامهما بمعنى بقائهما، والمراد بقا من فيهما من الثقلين إذ لولاه أهلك أهل الأرض بعضهم بعضا وأما الملأ الأعلى فهم لا يفعلون غير ما
يؤمرون ولا يجري بينهما ما يحتاج للحكم والعدل فذكر. للمبالغة، وأنّ البقاء للعالم جميعه بالعدل، ولذلك يجوز أن يقصد بقاؤهما في نفسهما فتأمّل. قوله: (أو ما يعرف به الخ) فهو أيضا مجاز من استعمال المقيد في المطلق فما قيل من أنّ قوله: ألا تطغوا في الميزان، وأقيموا الوزن الخ أشذ ملاءمة له، ولذا اقتصر عليه الزمخشريّ غير ظاهر لأنّ كلاً منهما لا يخلو من التجوّز، وما ذكر إنما يؤيده لو أريد به الحقيقة، وإن كان هذا أقرب في الجملة، وقوله: كأنه لما وصف السماء الخ بيان لوجه اتصال قوله: وضع الميزان بما قبله على الوجه الثاني، وقوله: التي هي مصدر الخ وصف للرفعة على أنّ المراد بها الرتبة السابقة كما بيناه. قوله: (لئلا تطغوا فيه) فهو على تقدير الجار وجعلها الزمخشريّ مفسرة لما في وضع الميزان من معنى القول لأنه بالوحي، واعلام الرسل قيل، وهو أحسن مما ذكره المصنف لأنه لا معنى لقوله: ﴿وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ﴾ إذ المناسب في الموزون، ونحو. فلا وجه لما قيل: إن المصنف لم يذكر. لعدم تقدم جملة متضمنة لمعنى القول وهو شرطها فإنه غفلة ظاهرة. قوله: (ولا تجأوزوا الإنصاف) هذا جار على التفسيرين للميزان، وإن كان المتبادر منه الوجه الأوّل مع. أنه للاقتصار عليه وجه وقوله: على إرادة القول بتقدير قائلاً ونحوه لا قل كما قيل، ولا ناهية بدليل جزمه وعلى الأوّل نافية ولا ينافيه عطف أقيموا الإنشائي عليه لأنه لتأويله بالمفرد تجرّد عن معنى الطلب، ويجوز كونها ناهية أيضاً، وقوله من حقه أن يسوي، ويعلم منه أنّ الزيادة غير ممنوعة بالطريق الأولى. قوله: (وتكريره مبالفة في التوصية الخ) أي تكرير لفظ الميزان بدون إضماره على مقتضى الظاهر، ويحتمل تكرير الأوّل بالعدل في الوزن لدلالة الجمل الثلاث على معان متقاربة فهي مكرّرة معنى. قوله: (على أن الأصل الخ) متعلق بقراءة الفتح، وهذا بناء على ما ارتضاه بعض أهل اللغة من أنه لم يرد منه إلا لازما هذا هو الذي أراده


الصفحة التالية
Icon