قوله تعالى وكانوا يقولون هنا عليه فلا يأباه لاقتضائه التغاير بينهما كما قاله أبو حيان لا لتحقيق
التغاير بأنّ الأوّل إنكار، والثاني استدلال كما قيل لأنّ الاستدلال هنا على نفيه، وهو إنكار، وزيادة فلا يلزم مما ذكر عدم التكرار بل يثبته بدليله إذ المذكور هنا كما ينادى عليه كانوا يصرون ثباتهم على الكفر والعناد، وتكرر الإنكار وتكرّر الاستدلال الظاهر الفساد مع أنه لا محذور في تكراره وهو توطئة، وتمهيد لبيان فساده، والحلم بضمتين سن البلوغ، وتأثم ارتكب الإثم كتحنث ارتكب الحنث أو التفعل هنا للسلب كالأفعال، وكلامه محتمل لهما فلا وجه لتعيين الثاني. قوله: (كررت الهمزة الخ) في قوله: أئذا وأئنا، والإنكار المطلق من قوله: ﴿أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ وقوله: خصوصاً مما قبله، وفيه إشارة إلى أنّ تقديمه لاختصاص الإنكار به لا لإنكار الاختصاص، وقد مز ما فيه في الصافات، وقوله: كما دخلت العاطفة أي كما دخلت الهمزة الإنكارية على الواو العاطفة هنا فقوله: العاطفة منصوب بنزع الخافض، وأصله على العاطفة وقوله: أشذ إنكارا لأنه ذكر للترقي إذ الإنكار الأوّل يغني عنه، ولما كانت هذه الهمزة مكزرة لما ذكر لم يضر عمل ما قبلها فيما بعدها المانع عنه صدارتها لأنها مزحلقة، وليست في مكانها، وأمّا كون الحرف إذا كرّر للتأكيد فلا بد أن يعاد معه ما اتصل به أوّلاً أو ضميره فليس اطراده مسلماً لورود ككما يؤثفين ولا للما بهم أبداً دواء وأمثاله. قوله: (وللفصل بها (أي بالهمزة فإن العطف على الضمير المستتر أو المتصل لا بد فيه من تأكيد المعطوف عليه أو فاصل ما كما قاله ابن مالك، وقد وجد الفاصل هنا وإن كان حرفا واحداً، وقوله: سبق مثله أي في سورة الصافات، وقوله: والعامل في الظرف الخ إشارة إلى أنّ إذا هنا ظرفية لا شرطية، وما دل عليه مبعوثون نبعث، وقوله: للفصل بأن والهمزة وكل منهما يستحق الصدارة المانعة عن عمل ما بعدهما فيما قبلهما. قوله: (وقوله إلى ما وقت به الدنيا وحدّ) إشارة إلى أنّ إلى للغاية والانتهاء، وقيل: ضمن معنى مسوق فلذا تعدى بها، ومعلوم كناية عن كونه معيناً عنده تعالى، وقوله: من يوم معين إشارة إلى أنّ إضافة الميقات على معنى من كخاتم فضة فهي) ضافة بيانية، وقوله: من الأولى للابتداء أو تبعيضية وقيل: زائدة، وقوله: والثانية للبيان فالجار، والمجرور صفة شجر، وقيل: إنه بدل من قوله من شجر فمن كالأولى. قوله: (من شدّة الجوع) فإنه الذي اضطرّهم، وقسرهم على أكل مثلها مما لا يؤكل فلا معنى لما قيل أو
بالقسر، وقوله: وتأنيث الضمير الخ الحمل على المعنى لأنه بمعنى الشجرة لقوله: ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ﴾ [سورة الدخان، الآية: ٤٣] أو الأشجار إذا نظر لصدقها على المتعدد، وللفظ لأنّ الشجر لفظه مذكر فيكون من اعتبار اللفظ بعد اعتبار المعنى على خلاف المتعارف، ولذا قال في الانتصاف: لو أعاده على الشجر باعتبار كونه مأكولاً حتى يكون المعنى لآكلون من شجر من زقوم فمالؤون منها البطون فشاربون على أكلهم الزقوم من الحميم كان أحسن انتهى قيل: فيكون التأنيث، والتذكير باعتبار المعنى دون اللفظ فلا يخالف المعروف، ولا خفاء في أنه لا حاجة في التذكير إلى التأويل إنما الحاجة إليه في قراءة شجرة كما أشاروا إليه، فأما قوله: في الكشف ذكره في قوله: فشاربون عليه نظرا إلى اللفظ، والحمل على شاربون على أكله بعيد لأنّ الشرب عليه لا على تناوله مع ما فيه من تفكيك الضمائر انتهى فإن كان قصد به الرد على الانتصاف فمردود لأنه أعاد الضمير على المأكول كما نطق به قوله. لو أعاد. على الشجر باعتبار كونه مأكولاً، وقوله: على أكلهم ليس على لفظ المصحدر بل هو بضمتين في الأصل كما في قوله: ﴿كُلُهَا دَآئِمٌ﴾ [سورة الرعد، الآية: ٣٥] ثمر الشجر وكل مأكول كما في الصحاح فلا حاجة إلى توهم أنه من باب ضرب الأمير فلا بعد فيه ولا فك، ولو سلم فمثله مجاز شائع يقال ة شربت على الريق، وأكلت على الثغ، وهو أكثر استعمالاً من شربت على المأكول مع أنّ المستعلي على المأكول هو المشروب لا المعنى المصدري، وفك الضمائر غير موجود إذ هو احد أو اثنان، ولو سلم فلا باس به إذا لم يلبس نعم قوله أحسن محل كلام، وهو من الأوهام التي لا مساس لها بالمقام فتأمّل. قوله: (فيكون التذكير للزقوم) أي لأنّ الضمير عائد على الزقوم أو على الشجرة لأنّ المراد بها الزقوم، وقوله: فانه تفسيرها صريح فيه. قوله: (التي بها الهبام) هو بضم الهاء على قياس أسماء الأمرإض فإنها على بناء فعال بالضم كالسعال، والصداع


الصفحة التالية
Icon