فالكلام حينئذ تمثيل، وقوله: من مفعول يدعوكم أو من فاعله أيضا، وكونه من عطف الحال على الحال مع التخالف في الاسمية، والفعلية خلاف الظاهر، ولذا لم يتعرّض له المصنف رحمه الله مع ذكر الزمخشري له. قوله: (بموجب مّا) وفي نسخة لموجب مّا باللام، وموجب بالكسر أو الفتح أي بدليل مّا أو بمقتضى دليل مّا وما مزيدة للتعميم، وقوله: فإنّ هذا الخ بيان لمحصل الجواب بناء على أنّ ما قبله دليل الجواب، ولو لم يؤوّله بما ذكر تناقض قوله: لا تؤمنون، وقوله: إن كنتم مؤمنين ولذا قال الواحدي في تفسيره إن كنتم مؤمنين بدليل عقليّ أو نقليّ فقد بان وظهر لكم على يدي محمد ببعثه، وإنزال القرآن عليه فما قيل إنّ قوله فإنّ الخ تعليل للحكم الشرطي لا تقدير للجواب فإنه المتقدم عليه بعينه أو ما يدل عليه فهذا لا يوافق مذهب البصريين، ولا الكوفيين غفلة عن المراد، وقيل: المعنى إن كنتم مؤمنين بموسى، وعيسى فإنّ شريعتهما تقتضي الإيمان بمحمد لمجر أو إن كنتم مؤمنين بالميثاق المأخوذ عليكم في ظهر آدم عليه الصلاة والسلام في عالم الذر. قوله: (من ظلمات الكفر الخ) هو إشارة إلى أنّ الظلمات مستعار للكفر، والنور للإيمان فلذا ذكره مضافا إضافة لجين الماء، وقوله: حيث نبهكم الخ هو من صيغتي المبالغة في رؤوف ورحيم والرسل، والآيات من قوله: هنا هو الذي ينزل على عبده، والحجج العقلية من أخذ الميثاق على ما مرّ في تفسيره. قوله:) في ألا تنفقوا) إشارة إلى أن أن مصدرية لا زائدة كما ذهب إليه بعضهم، وأنّ المصدر المؤوّل في محل نصب أو جرّ على القولين لأنّ قبله حرف جرّ مقذر، وهو في وقد مرّ الكلام عليه في البقرة في، وما لنا ألا نقاتل وقوله: فيما الخ يشير به إلى أنّ سبيل الله كل خير يقرّبهم إليه فهو استعارة تصريحية. قوله: (ودلّه ميراث الخ) هذا من أبلغ ما يكون في الحث على الإنفاق لأنه قرنه بالإيمان أولاً لما أمرهم به، ثم وبخهم على ترك الإيمان مع سطوع براهينه، وعلى ترك الإنفاق في سبيل من أعطاه لهم مع أنهم على شرف الموت، وعدم بقائه لهم إن لم ينفقوه.
فوله: (يرث كل شيء فيهما) جعل ميراثهما مجازا أو كناية عن ميراث ما فيهما لأنّ أخذ الظرف يلزمه أخذ المظروف، ولم يعممه لأنّ هذا يكفي في توبيخهم إذ لا علامة لأخذ السماء، والأرض هنا فلا غبار عليه حتى ينقض، وقوله: وإذا كان كذلك الخ. بيان لاتصال هذه الآية بما قبلها. قوله: (بيان لتفاوت المنفقين الخ) قوّة اليقين من إنفاق ما عندهم اتكالاً ملى الله قبل كثرة الغنائم، وعلمهم بما في الشهادة من سعادة الدارين، وتحرّي وقت الحاجة لشدّة احتياج الإسلام، والمسلمين إذ ذاك، وقوله: بعد الحث على الإنفاق أي مطلقا، وهو يان لارتباطه بما قبله، وتوطئة لما بعده من كونه استطراداً لعدم سبق ذكره في هذه السورة، وقوله: دلالة ما بعده يعني قوله: من الذين أنفقوا من بعد والتقدير، وغيره فهو اكتفاء لأنّ الاستواء يقتضيه، وقوله: فتح مكة فتعريفه للعهد أو للجنس ادعاء، وقوله: إذ عز الخ يومئ إله، وقيل: إنه فتح الحديبية وقد مرّ وجه تسميته فتحاً في سورة الفتح، وإفراد ضمير أنفق وقاتل رعاية للفظ من، والجمع في أولئك رعاية لمعناه ووضع اسم الإشارة البعيد فيه موضع الضمير للتعظيم، والإشعار بأنّ مدار الحكم هو إنفاقهم قبل الفتح ومنه يعلم التفاوت بين الإنفاق بعده، وقبله وعدمه أيضا والتقييد بالظرف لا يأباه كما توهم لأنه يعلم التزاما وإن لم يفعل فاعل يستوي ضمير الإنفاق كما قيل فإنه تعسف كما بينه في الدر المصون. قوله: (من كد الفتح) إشارة إلى المضاف المقدر وأخره لأنّ القتال كان بعده، ولو قدمه كان أحسن، وقوله: وعد الله كلا إشارة إلى أنه مفعول مقدم، وقوله: المثوبة أي الثواب، وقدره كذلك لتأنيث وصفه، وقوله: كل وعده إشارة إلى العائد المحذوف، وقوله: ليطابق الخ لأنهما اسميتان لا فعلية، واسمية كما في القراءة المشهورة، وهي قراءة ابن عامر والمعطوف عليه أولئك أعظم الخ. وفيها حذف العائد من خبر المبتدأ والبصريون قالوا: إنه لا يجوز إلا في العر، وهذه القراءة ظاهرة في الردّ عليهم إلا أن يدعوا أنه خبر مبتدأ مقدر أي أولئك كل، وجملة وعد صفة كل بتقدير العائد، وحذفه من الصفة ليس ضرورة عندهم فلذا تكلفوا هذا التوجيه مع ركاكته وزيادة الحذف فيه، والصحيح ما ذهب إليه ابن مالك من أنه في غير كل، وما ضاهاها في الافتقار، والعموم فإنه فيها مطرد لكن ادّعى فيه الإجماع، وهو محل نزاع.
قوله: (والآية نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه الخ)