والإمساك المذكور معقب لا متراخ لأنّ مدة الإمساك ممتدة، ومثله يجوز فيه العطف بثم، والفاء باعتبار ابتدائه، وانتهائه كما مرّ غير مرّة فلا حاجة إلى القول بأنها للدلالة على أنّ العود أشد تبعة، وأقوى إثما من نفس الظهار حتى يقال عليه إنه غير مسلم، ولا إلى قول الإمام أنه مشترك الإلزام فيمنع أيضاً لأنّ استباحة الاستمتاع عقب الظهار فورا نادرة فلا يتوجه على الحقيقة ما ذكر. قوله: (زماناً يمكته مفارقتها فيه) وفي نسخة يسعه فالعود عندهم إمساك عقب الظهار، ولو لحظة وذلك أن لا يقطع نكاحها فإن مات أحدهما أو جن الزوح أو قطع بطلاق بائن أو رجعيّ من غير رجعة أو باشترائها، وهي رقيقة أو باللعان منها عقيبه أو بالبدار إلى فعل كان قد علق عليه الطلاق من قبل فليس بعائد، ولا كفارة هكذا في كتب ققه الشافعية المعتمد عليها كالوجيز. قوله: (إذ التشبيه) في قوله: كظهر أمي في الظهار يتناول حرمة الإمساك في النكاح لأنه يصح استثناؤه منه بأن يقول: أنت عليّ كظهر أمي إلا في حرمة الإمساك، والأصل في الاستثناء الاتصال، والدخول فيما استثنى منه فإذا تناوله لفظه، وكان أقل ما ينقضه فالاقتصار عليه فيه أولى لأنه الأقل المتيقن فلذا اقتصر عليه من دون ما يتحقق به العود، وقد أورد عليه أمور في شرح الهداية ليس هذا محلها. قوله: (وعند أ! س حتيفة الخ) أي النقض الذي العود عبارة عنه، وبه يتحقق وجوب الكفارة عنده استباحة التمتع بها،
وليس المراد به مجرّد عذه مباحاً من غير مباشرة بل مباشرته بوجه مّا، ولا العزم عليه حتى يرجع لقول مالك رحمه الله مع أنّ ابن الهمام نقل عن المبسوط أنّ سبب وجوبها العزم على الوطء، والظاهر شرطه هنا، وهو بناء على أنّ معنى العود العزم على الوطء، واعترض بأنّ الحكم يتكرّر بتكرّر سببه لا بتكزر شرطه، والكفارة تتكرر بتكرر الظهار لا بتكرر العزم، وكثير من مشايخنا على أنه العزم على الإباحة بتقدير مضاف في الآية أي يعودون لضد ما قالوا أو لتداركه بترك القول، ويرد عليه ما مر وأنه بمجرد العزم لا تتقرر الكفارة عندنا كما نص عليه في المبسوط حتى لو أبانها أو ماتت بعد العزم لا تتقرر الكفارة فهذا دليل على أنها غير واجبة لا بالظهار، ولا بالعود إذ لو وجبت لما سقطت بل موجب الظهار ثبوت التحريم فإذا أراد رفعه وجبت الكفارة لرفعه كما تقول لمن أراد صلاة نافلة يجب عليك إن صليتها تقديم الوضوء هذا محصل ما ذكره ابن الهمام مع تفصيل لطيف لكن المقام لم يصف للنظر من قذى الكدر فما قيل مآل كلام مالك، وأبي حنيفة واحد، ودفعه بأنه أخص منه ليس بشيء فتأمله. قوله: (وعند الحسن بالجماع) يعني الموجب للكفارة الجماع، وهو المراد من العود لما قالوه لترتبه عليه بالفاء، ولا يأباه قوله من قبل أن يتماسا المؤخر عن الكفارة لأنّ المراد عنده من قبل أن يباج التماس شرعاً، وما ذكر أوّلاً حرام موجب للتكفير، وهذا كما ورد في الحديث: " استغفر الله، ولا تعد حتى تكفر ". قوله: (أو يالظهار الخ) معطوف على قوله: بالتدارك فالعود بمعناه الحقيقي، وقوله: يعتادون من استمرار المضارع، وقوله: إذ كانوا في النسخة الصحيحة بإذ وهو لتعليل ما قبله من الاعتياد لأنّ كان تدل على التكرار مع تعيين له وفي نسخ الحواشي أو العاطفة فيكون توجيهاً للمضارع في النظم بأنه إمّا للاستمرار أو هو لاستحضار صورة الحال الماضية، ولا محذور في هذا القول للزوم الكفارة عليه بمجرد الظهار من غير عود، وفقهاء الأمصار على خلافه لأنه إن كان الثوري، ومجاهد نقل عنهما ذلك اجتهاداً فلا يلزمهما موافقة غيرهما فيه وهو المصرّج به في كتاب الأحكام، وغيره وإن لم ينقل عنهما غير تفسير العود في الآية بما ذكر فيجوز أن يشترطا لوجوب الكفارة شيئا مما مز لكن لا يقولان إنه المراد بالعود في الآية، وقوله: وهو قول الظاهرية يقولون لا بدّ في الظهار من تكرار اللفظ به أخذا بظاهر الآية، وكان الفقه له فيه أنه ليس صريحاً في التحريم فلعله يسبق لفظه له من غير قصد لمعناه فإذا كرره تعين أنه قصده، واما أنه لم يقل، ويعودون له حينئذ، وهو أخصر وأظهر فلأنه قصد به التأكيد فأظهر وعطف بثم لتراخي رتبة الثاني، وبعده عن الأوّل لأنه الذي تحقق به الظهار وقد يرد بأنّ
قضية خولة ليس فيها لهكرار، ولم يسأل عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأما كون عدم النقل ليس نقلا للعدم فاحتمال بمجرد. لا يفسر القرآن، وإنن كان لفظ العود، والقول فيه على حقيقته فتأمل.


الصفحة التالية
Icon