أنه من التزام ما لا يلزم، وقوله: من بأس الله ففيه مضاف مقدر. قوله: (وتغيير النظم الخ) أي كان الظاهر أن يقال: ظنوا أنّ حصونهم مانعتهم أو تمنعهم فعبر عما ذكر لما ذكر، وهذا بناء على أنّ مانعتهم خبر مقدم وحصونهم مبتدأ مؤخر، والجملة خبر أنّ، وفيه وجوه أخر ستأتي، وقوله: للدلالة الخ يعني لما في التقديم من الاختصاص، وما في نصب ضميرهم اسماً لأنّ من التقوّى تأتي الدلالة على ما ذكر كما قيل، وفيه نظر فإن قلت كيف دل أنهم مانعتهم حصونهم على التقوّي، وليس كزيد عرف في تكرّر الإسناد قلت: تكرر الإسناد كما يكون بتكرّر المسند إليه يكون بغيره كما تحوّل ضربت زيدا لزيداً ضربت، ثم تقول زيد ضربته قال ابن جني: قدّموا المفعول لأنه المقصود فاعتنوا به، ولم يقنعوا بذلك حتى أزالوه عن الفضلة، وجعلوه رب الجملة فرفعو. بالابتداء وصيروا جملة ضربته ذيلاً له، وفضلة ملحقة به كذا قال الشارح الطيبي: وهو مخالف للمنقول، والمعقول أمّا الأوّل فلأن السكاكي، والخطيب اشترطوا فيه أن يكون فاعلا معنويا، وأما الثاني فلأنّ زيداً لم يتكرر الإسناد إليه في مثاله إلا أن يراد بالإسناد النسبة، ولم يجدي نفعاً، وما ذكره من كلام ابن جني لا يفيده أصلاً فتأمّل. قوله: (ويجورّ أن تكون حصونهم فاعلاَ لمانعتهم الاعتماده على المبتدأ وقد كان خبرا مقدماً ولم يذكر كونه مبتدأ خبره حصونهم لما فيه من الأخبار عن النكرة بالمعرفة إن كانت إضافته لفظية، والا بان يقصد استمرإر المنع فلأنّ المعنى ليس عليه، وكون هذا الوجه أقوى بحسب العربية غير مسلم، وأما تقدّم الخبر المشتق على المبتدأ المحتمل للفاعلية فلا يمتنع كالفعل، وقد صرّج به النحاة، والخلاف في مثله لا يلتفت إليه وتفصيل المسألة في حواشي التسهيل. قوله: (أي عذابه الخ) ففيه مضاف مقدر على الوجهين إمّا العذاب أو النصر، ومرض الثاني لما فيه من البعد بسبب التفكيك، وعلى الأخير فالمفعول محذوف لتعديه لاثنين وقوله العذاب أو النصر لف ونشر على الوجهين، وقوله: لقوّة وثوقهم على الوجه الأوّل هو متعلق بلم يحتسبوا، ويحتمل أنه على الثاني متعلق بأتاهم فيجري عليهم فتدبر. قوله: (وأثبت فيها الخوف) أصل القذف الرمي بقوّة أو من بعيد، وأما اقتضاؤه لثبوت ما رمى فكأنه من العرف كما في قوله:
لدي أسد شاكي السلاح مقذف
أي رمى بحلم ثبت فيه فليس ذكر القذف مستغنى عنه والرعب الخوف الشديد لأنه يتصوّر فيه أنه ملأ القلب من قولهم رعبت الحوض إذا ملأته، وقوله: آلاتها جمع آلة، وهي الخشب والعمد وكل منهما صحيح هنا، وأما الآلة بالمعنى المعروف فغير مراد هنا. قوله: (وعطفها على أيديهم الخ) يعنى أيدي المؤمنين ليست آلة لليهود في تخريبهم لبيوتهم، وإنما الآلة أيديهم أنفسهم لكن لما كان تخريب أيدي المؤمنين بسبب أمر اليهود كان التخريب بأيدي المؤمنين كأنه صادر عنهم فقوله: يخربون حينئذ إما من الجمع بين الحقيقة، والمجاز أو من عموم المجاز كما لا يخفى، وقوله: نكاية أي فعل المؤمنين لأجل النكاية، وهي فعل ما يغيظهم أشدّ الغيظ، وقوله: عن بغضهم الضمير لليهود أي صادر عن عداوتهم للمؤمنين. قوله: (أو تفسير للرعب) فالجملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب، وعلى الحالية من ضمير قلوبهم هي في محل نصب، ويجوز أن تكون مستأنفة جواباً عن سؤال تقديره فما حالهم بعد الرعب أو معه، والتفسير باذء، ء الاتحاد لأنّ ما فعلوه يدل على رعبهم إذ لولا خوفهم ما خرّبوها فلا غبار عليه كما يتوهم، وقوله: التكثير في الفعل أو المفعول، ويجوز أن يكون في الفاعل، وقوله: التعطيل الخ فهو ما يكون بعد الهدم فيكون الإخراب أثر التخريب. قوله: (فلا تغدروا) كما غدر بنو النضير، ولا تعتمدوا على غير الله كما اعتمد هؤلاء على حصونهم إشارة لوجه تفرّعه على ما قبله، وقوله: استدل به المستدل به أكثر أهل الأصول كما هو مسطور فيها حيث قالوا: إنا مكلفون بالقياس سمعا لهذه الآية فإنا أمرنا بالاعتبار، والاعتبار ردّ الشيء إلى نظيره بأن يحكم عليه بحكمه، ولذا سمي الأصل الذي تردّ إليه النظائر عبرة، وهذا يشمل الاتعاظ، والقياس العقلي والشرعي، وسوق الآية للاتعاظ فتدل عليه عبارة وعلى القياس إشارة فلا ينافي كونه دليلاَ على حجية القياس قوله: فاتعظوا، واليه أشار بقوله: من حيث إنه الخ، وفي التعبير بالمجاوزة إشارة إلى أنّ الاعتبار من العبور والحال الأولى هي حال الشيء الذي صار عبرة كحال بني النضير في غدرهم، واعتمادهم على غير الله