وكذا الحال في كونهم أعداء وهذا ما نحاه المصنف تبعاً للعلامة وتحقيقه أنّ أصل الودادة حاصلة لهم قبل كل شيء فهو غير مترتب على الشرط والمترتب عليه إنما هو الودادة المتفرّعة على الجد والاجتهاد في طلب ارتدادهم فهي سابقة بالنوع متأخرة بالنظر إلى بعض الأفراد فعبر بالماضي نظراً للأوّل وجعلت جوابا متأخراً نظراً للثاني فمن توهم أنّ المصنف يريد الحالية أو العطف على المجموع كصاحب الإيضاح فقد فسره بما لا يرضاه ولم يدر أنّ قوله مجيئه وحده بلفظ الماضي يأباه فإنه صريح في أنه مستقبل معنى كما قاربه من أجوبة الشرط ويقرب منه ما قيل إنّ ودادة كفرهم وعداوتهم بعد الظفر لما كانت غير ظاهرة لأنهم حينثذ سبي وخدم لا يعتذ بهم فيجوز أن لا يتمنى كفرهم فيحتاج إلى الأخبار عنه بخلاف الودادة قيل الظفر فيكون للتقييد فائدة لأنها ودادة أخرى متأخرة واعلم أنّ المعطوف على الجزاء والعلة في كلام العرب على أنحاء الأوّل أن يكون كل منهما جزاء وعلة نحو إن تأتني أو نسك وأعطك الثاني أن يكون الجزاء أحدهما وأنما ذكر الآخر لثدة ارتباطه به لكونه سبباً له مثلا نحو إذا جاء الأمير استأذنت وخرجت لاستقباله ونحوه حبست غريمي لأستوفي حقي وأخليه الثالث أن يكون المقصود جمع أمرين وحيئ! ذ لا ينافي تقدّم أحدهما كخرجت مع الحجاج لأرافقهم في الذهاب ولا أرافقهم في الإياب والنظم هنا محتمل للأوّل لاستقبال الودادة لإرادة الغزو المحتاج للبيان أو إظهارها وعبر بالماضي لتقدمه رتبة والثالث لكون المراد المجموع بتأويل يريدون لكم مضار الدنيا والآخرة وفي الكشاف إشارة ما إليه فالأوّلية على هذا زمانية وعلى الثاني رتيبة وجعلها الطيبي زمانية وذكر وجهاً آخر وهو أنّ المجموع مجاز من إطلاق السبب وارادة المسبب وهو مضار الدارين وفي المفتاح ترك يودّ إلى ودّ الماضي إذ لم يحتمل ودادة كفرهم من الشبهة ما احتمل العداوة لباسطي الأيدي والألسنة يعني الودادة أو إظهارها لتحققها عند المؤمنين عبر عنها بالماضي ولا يخفى مغايرته لما في الكشاف فمن حاول التوفيق فقد حاد عن سواء الطريق.
قوله: (قراباتكم) القرابة تكون مصدراً واسما بمعنى القريب كما تقول هو قرابتي كما قال
ابن مالك ولا تلتفت لإنكار الحريري له في درّته وهو محتمل لهما هنا بأن يراد بالأرحام ظاهرها أو يقدر ذوو أرحامكم بدليل عطف الأولاد عليه أو يجعل مجازاً كرجل عدل. قوله: (الذين توالون) إشارة إلى ما في سبب النزؤل وقوله: بما عراكم بمهملتين أي عرض لكم وحل بكم وقوله: فما لكم ترفضون هو بيان لارتباط هذه الآية بما قبلها وقوله: وقرأ حمزة والكسائيّ بكسر الصاد والتشديد أي قرأ بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشددة وابن عامر كذلك إلا أنه
يفتح الصاد وما ذكر من أنه قرإءة ابن عامر عزاه غيره لابن ذكوان لكن الأوّل هو الذي في الشاطبية وفوله: وهو بينكم الضمير للمفعول وفيه شبه استخدام وبينكم حينئذ مبني لإضافته للضمير المبني وقيل نائب الفاعل ضمير المصدر وهو الفصل وقوله: وقرأ عاصم يفصل أي بفتح الياء وسكون الفاء وكسر الصاد وتخفيفها. قوله: (قدوة الخ) القدوة والأسوة بالضم والكسر فيهما بمعنى وهما يكونان مصدراً بمعنى الاقتداء واسماً لما يقتدى به يعني أنه اسم مصدر أطلق على الحاصل به لا صفة لمنعه من عمله بعده وقوله: في إبراهيم تجريد وقد تقدم الكلام عليه في الأحزاب وقوله: ولكم لغو لم يبين متعلقه وهو كان عند من جوز تعلق الظرف بها من النحاة على الخلاف المعروف فيه وقوله: لأنها وصفت يعني وهي مصدر أي اسم مصدر والمصدر واسمه إذا وصف لا يعمل لأنّ الوصف يضعف شبهه بالفعل فإن لم يكن مصدرا أو قلنا يعتفر عمله وإن وصف في الظرف جاز ذلك وجوّز في لكم أن يكون مستقرّا مبيناً كسقيا له. قوله: (ظرف لخبر كان) أي على الوجهين والعامل الجار والمجرور أو متعلقه أو لكان نفسها كما مرّ أو بدل من أسوة وقوله: كظريف وظرفاء على القراءة المشهورة وفيها قراآت أخر. قوله: (أي بدينكم أو بمعبودكم) يعني أنه على تقدير مضاف فيه لأنّ تعلق الكفر بهم محتاج إلى التأولل إذ المكفور به إمّا الدين أو الكتاب أو من جاء به لا من جاء له من القوم فيؤوّل بما ذكر وقوله: أو بكم وبه ضمير به للمعبود فقوله: بكم المراد منه القوم ومعبودهم بتغليب المخاطبين لأنه بيان


الصفحة التالية
Icon