فالفتنة مصدر بمعنى المفتون أي المعذب من فتن الفضة إذا أذابها وقوله: ما فرط بالتخفيف أي سبق منا وقوله: ومن كان كذلك الخ بيان لوجه اتصاله بما قبله ووقوعه تذييلا له وقوله: تكرير الخ إن لم ينظر لقوله: إذ قالوا فإنه قيد خصصه فإن نظر له فهو تعميم بعد تخصيص وفيه تكرير للخاص في ضمن العام أيضا، وقوله: ولذلك أي لأجل مزيد الحث وقصده. قوله: (وأبدل قوله لمن كان يرجو الله الخ) قد مر في سورة الأحزاب أنه قال: قيل: إنه بدل من لكم والأكثر على أنّ ضمير المخاطب لا يبدل منه فمرّضه ثمّ لمخالفته لقول الجمهور وذكره هنا على وجه ألارتضاء له فبين كلاميه تناف في الجملة لكن ابن الحاجب قال في شرح المفصل يبدل من ضمير الغائب دون المتكلم والمخاطب وليس هذا على إطلاقه لأنه مخصوص ببدل الكل من الكل ويجوز في الاشتمال والبعض وأجازه سيبويه في الأوّل أيضا وهو مخصوص أيضا بما لا يفيد إحاطة كقوله: تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا فإمّا أن يقال: رجح ثمة مذهب الجمهور ورجح هنا مذهب سيبويه أو يقال: ذهب هنا إلى أنه مما يفيد الإحاطة وليس محلاً للخلاف وقوله: فإنه يدل الخ فيه إيماء إليه وقوله: ولذلك أي لإيذانه بسوء العقيدة الخ ووجه الإيذان أنه يدل على أن من لا يأتسى به لا يرجو الله واليوم الآخر ومثله كافر وقوله: الغني الحميد مما خوطب بمثله الكفرة للتهديد. قوله: (لما فرط منكم في
موالاتكم الخ) فسره في الكشاف بغفور لمن أسلم من المشركين وهو مع قلة فائدته هنا ما ذكر أنسب بالمقام منه ولم يفسروا الرحيم لظهوره هنا إذ رحمته بضم شملهم وردهم إلى أقربائهم واستحالة الخيانة ثقة وانقلاب المقت مقة وقيل: قوله: لما بقي في قلوبكم تفسير له إذ معنا. لما في قلوبكم من الرحمة الغريزية لهم رحمكم رحمة عظيمة وقيل إنه من تتمة تفسير الغفور وقوله: لا ينهاكم الخ ليس المراد أنّ فيه مضافا مقدراً كما توهم لأنه يلغو البدل والبدل منه غير صحيح بل هو بيان للمقصود منه والمعي المراد فلو أخره عن البدل كان أولى وقوله: تفضوا الخ يعني أنّ تقسطوا ضمن معنى الإفضاء فعدى تعديته كما مر. قوله: (روي أن قتيلة) بالقاف والتاء بزنة المصغر وسبب النزول المذكور هنا هو المذكور في البخاري فلذا ذكره المصنف دون ما في الكشاف وفي الدر المنثور أنّ هذه الآية منسوخة بقوله: اقتلوا المشركين الآية وفي عز وقتيلة لأبيها دون زوجها هنا رعاية أدب من المصنف وقوله: بدل اشتمال ومثله ما قبله. قوله تعالى: ( ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ الخ) فيها قولان فعن قتادة أنه حكم حكمه الله ثم نسخ في براءة فنبذ إلى كل ذي عهد عهده وقال السهيلي: هي مخصوصة بنساء العهد والصلح وأمّا إخراج النساء مما عاهدوا عليه فاختلف فيه وسيأتي وسماهن مؤمنات نظر الظاهر الحال وقوله: بما يغلب الخ إن خفف فالعائد محذوف أي به وإن شدد من التفعيل فلا حذف فيه وقوله: أعلم أي من كل أحد أو منكم وقوله: فانه المطلع أي لا أنتم فإنه غير مقدور لكم. قوله: (العلم الذي يمكنكم تحصيله الخ) فالعلم هنا مستعار استعارة تبعية للظن الغالب المشابه
لليقين في القوّة وفي وجوب العمل به أو مجاز مرسل لمطلق الإدراك والأوّل أنسب هنا وكان الظاهر أن يفسره بالظن ففي عبارته تسمح لا يضر مع اتضاح المقصود مما بعده. قوله: (بالحلف) كانت المهاجرة تستحلف أنها ما هاجرت ناشزة ولا هاجرت إلا لله ورسوله فإذا حلفت لم تردّ وقوله: إلى أزواجهن لأنه لو لم يرد ذلك لم يكن لقوله: لا هن حسن لهم ولا هم يحلون لهن فائدة وقوله: والتكرير للمطابقة الخ أصل المطابقة من طابق الفرس إذا وضحع رجله مكان يد. قال:
مطابقا يرفع رجلا عن يد
ومنه المطابقة البديعية وهي الجمع بين المتضادين وأراد المصنف بها هنا كبعض البديعيين
ما سما. في التلخيص بالعكس والتبديل وهو وضعأحد لفظين وقعا في كلام بالتقديم والتأخير على عكس ما سبق كقوله تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾ وليس المراد بها المطابقة المعروفة على أنها بين المذكر والمؤنث لتضادهما كما توهم لأنه حاصل بالجملة الأولى ولما كانت من المحسنات المعتبرة بعد المطابقة للحال ومقتضاه ذكر ما فيه من المبالغة لنفي الحل من الطرفين وهو أشذ في الفرقة وقطع العلاقة وقوله: أو الأوّل الخ يعني لا تكرار فيه لأنه على خلاف الأصل والأوّل محمول على الفرقة الثابتة لأنّ الاسم يدل على الحال والثاني على ما يستأنف ويستقبل لدلالة الفعل على الاستمرار التجدّدي.