أطلقه ولها أذانان أذان خارح المسجد، وأذان بعده بين يدي المنبر إذا جلس الخطيب، وفي الكشاف أنّ الثاني هو المراد ويعينه أنّ الأوّل لم يكن على عهد النبيّ ﷺ وإنما أحدثه عثمان رضي الله عنه كما صرحوا فكيف يقال المراد الأوّل في الأصح لأنّ الإعلام به، وأمّا كون الثاني لا إعلام فيه فلا يضر لأنّ وقتة معلوم تخميناً ولو أربد ما ذكره وجب بالأوّل السعي، وحرم البيع وليس كذلك وفي كتاب الأحكام روي عن ابن عمر والحسن رضي الله عنهم في قوله: إذا نودي الخ قال: إذا خرج الإمام وأذن المؤذنون فقد نودي للصلاة، أن فهو التفسير المأثور فلا عبرة بغيره.
قوله: (بيان لإذا) من هذه تحتمل التبعيض وأن تكون بمعنى في كما ذهب إليه أبو البقاء
فإن أراده المصنف رحمه الله فالبيان لغوي لأنّ تعيين اليوم الذي فيه ذلك الوقت تعيين له، ولا لبس فيه لأنّ المعاني متقاربة ومثله يسمى إجمالاً لا لبساً لأنّ الليس باحتمال ما لا يصح كما ذكره ابن الحاج في المدخل، وظاهره أنه أراد البيان المشهور لكن أورد عليه أنّ شرط من
البيانية أن يصح الحمل فيها، وهو منتف هنا لأنّ الكل لا يحمل على الجزء، واليوم لا يصح أن يراد به هنا مطلق الوقت لا لأنّ قوله تسميه العروبة يمنعه لأنه يجوز فيه الاستخدام بل لأنّ يوم الجمعة علم لليوم المعروف لا يطلق على غيره في العرف، ولا قرينة عليه هنا. قوله: (وإنما سمي جمعة لاجتماع الناس فيه) هذه عبارة اللغويين وظاهر. أنّ الجمعة وحدها من غير يوم علم ولا مانع منه، واضافة العامّ المطلق إلى الخاص جائزة مستحسنة إذا خفي معنى الثاني أو كان مثتركاً بينه وبين غيره كمدينة بغداد وشجر الإرأك بخلاف إنسان زيد فإنه قبيح وما نحن فيه من الأوّل لأنّ التسمية حادثة، وإن اختلف أهل اللغة فيها هل حدثت في الإسلام أو قبله فلا حاجة إلى تقدير المضاف هنا إلا أن يقال العلم مجموعه وهو محتمل أيضا. قوله: (وكانت العرب تسميه العروبة) هذا بناء على أنّ هذا الاسم حدث في الإسلام وأوّل من استعمله الأنصار، وقيل: إنه جاهليّ وأوّل من سماه كعب بن لؤي مصغرا تصغيرا لأي وعروبة علم جنس يستعمل بال وبدونها، وقيل: أل لازمة والأصح الأوّل وأوّل جمعة مبتدأ وجمعها صفة جمعة، وقوله: في دار لبني سالم خبره، وقوله: إنه لما قدم بالفتح وقبله لام أو باء مقدرة، وهو مقدم من تأخير ويجوز الكسر على أنها جملة معترضة وفي العبارة نوع من الخفاء لا يخفى مثله وما ذكر. من أنّ أوّل جمعة صلاها النبيّ ﷺ وأوّل جمعة فعلت في الإسلام قبل قدوم النبيّ ﷺ للمدينة صلاها ابن زرارة وبه يلغز في صلاة مفروضة صلاها الناس قبل النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقوله: وأوّل جمعة أطلق الجمعة على الصلاة مجازاً كما تطلق مجازاً على أيام الأسبوع أو فيه مضاف مقدر أي صلاة جمعة. قوله: (قصدا) المراد بالقصد هنا الاعتدال لا التعمد فإنه مشترك بينهما وقوله: فإنّ السعي الخ تعليل لكون المراد بالسعي عدم الإفراط في السرعة، وهو المعروف في اللغة وتفسيره في القاموس بعد ألا يخلو من شيء، وقوله: والذكر الخطبة مجازا من إطلاق البعض على الكل كإطلاقه على الصلاة أو لأنها كالمحل له، وقوله: والأمر بالسعي إليها الخ الظاهر عود ضمير إليها للخطبة لأنّ إطلاقها على الصلاة ممرض غير مرضي له ولأنه المحتاج للدليل، وقيل: إنه يجوز عوده لكل واحد منهما. قوله: (واتركوا المعاملة (فالبيع مجاز عن مطلق المعاملة بيعاً وشراء واجارة وغيره أو هو دال على ما عدا. بدلالة النص وقوله: فإن نفع الآخرة خير إشارة إلى أنّ التفضيل فيه مراد لأنّ الخيرية تعم الثواب، وغيره فهي مطلق
النفع. قوله: (أو إن كنتم من أهل العلم) فمفعوله محذوف أو لا مفعول له لتنزيله منزلة اللازم واقتصاره على الثاني في الصف كما مرّ قيل: لأنه في مقام العتاب، وهو المناسب له وقوله: فرغ منها إشارة إلى ما في التنقيح وغيره من كتب الأصول من أنّ القضاء يكون بمعنى الإتمام كما مرّ في قوله: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ﴾ [سورة البقرة، الآية: ٢٠٠] وله معان أخر وقوله: إطلاق لما حظر أي منع فهو إباحة للمعاملة بعد الفراغ منها، وقد كانت ممنوعة وهذا توطئة لما بعده. قوله: (واحتج به من جعل الأمر الخ (الأمر هنا للإباحة على الأصح وفي شرح البخاري للكرماني أنه متفق عليه وفيه نظر لأنه قيل: إنه للوجوب كما نقله السرخسي، وقيل: إنه للندب كما نقل عن سعيد بن جبير وهو الأقرب لما فيه من عدم التشبه بأهل الكتاب في تعليل يوم السبت والأحد، وهذا اليوم لنا بمنزلته، واختلف