النعم وفروعها له، وأمّا العبد فلجريان إنعامه تعالى على يد. ، يعد منعما فالحمد لله بالحقيقة ولغيره بحسب الصورة، ومنه تعلم ما في تقديم قوله: له الملك، لأنه كالدليل لما بعده من الحسن الظاهر. قوله: (لأن نسبة ذا-له الخ) لأنّ ذاته مقتضية لقدرته فلا تنفك عنها، وتكون نسبتها إلى جميع الأشياء على سواء، فلا
يتصوّر كون بعضها مقدوراً له دون بعض، بل هو قدير عليها كلها، وقوله: ثم شرع الخ، المدعي هنا كونه قادراً على كل شيء من الذوات والصفات، كالكفر والإيمان، فقال هو الذي خلقكم الخ، كما سنقرره، وقوله: إلى الكل متعلق بنسبته. قوله تعالى: ( ﴿فَمِنكُمْ كَافِرٌ﴾ الخ) ظاهر تقريرهم أنه معطوف على الصلة، ولا يضره عدم العائد لأنّ المعطوف بالفاء يكفيه، وجود العائد في إحدى الجملتين، كما قرّروه في نحو الذي يطير الذباب فيغضب عمرو، أو يقال فيها رابط بالتأويل لأنها بمعنى وقد كفرتم الخ، وفي كلام المصنف إشارة مّا إليه، أو نقول هي معطوفة على جملة هو الذي الخ. قوله: (مقدّر كفره) بصيغة المفعول وبجوز كونه بصيغة الفاعل، وكذا موجه وسيأتي بيانه، ومعنى التوجيه إليه خلقه مستعدّا ومتهيأ لما خلق له فالفاء للتفصيل مع التعقيب أيضاً، لأنّ التوجيه المذكور بعد الخلق باعتبار الوقوع ولا مخالفة فيه لما ني الكشاف، وما قيل من إنها تفصيلية كقوله: ﴿خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ [سورة النور، الآية: ٤٥] الآية لأنّ كونهم كافرين ومؤمنين مراد من قوله: خلقكم الخ، وكونه تقريراً لما ادعاه يدل عليه، وجعلها الزمخشريّ للترتيب والعاقبة، ولا يناسبه السياق، وأنّ الآية واردة لبيان عظمته في ملكه وملكوته، واستبداده فيهما ليس بشيء، لأنّ قصده بما ذكر هو الرد على المعتزلة، في أنّ الكفر والإيمان ليس مخلوقاً له تعالى، ولذا عدل المصنف عما في الكشاف، كما يظهر لمن نظره فالفاء تفصيلية عندهما، وقد جعلها الزمخشريّ، كقوله: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [سورة الحديد، الآية: ٢٦] وتفيد الترتيب لأنّ توجيه ما يحمله عليه، وتوفيقه يكون بعد الخلق، وكون كلام الزمخشري غير مناسب للسياق مكابرة لمن تأمّله، وكونها واردة لما ذكر لا يأباه، مع أنه قيل إنها ليست واردة له، بل لما يتوقف عليه الوعد والوعيد بعده من القدرة التامّة والعلم المحيط بالنشأتين، والذي أوقعه فيما وقع فيه كلام الطيبي فتدبر. قوله: (بالحكمة البالنة) أي العظيمة إذ أصله البالغة أقصى ما يتصوّر منها ونحوه، وفسر بما ذكر لأن المراد به مقابل الباطل هنا، فيراد به الفرض الصحيح الواقع على أتم الوجوه، وقوله: ثم زينكم الخ، وفي نسخة حيث زينكم الخ، يعني أنه تعالى جعل الإنسان معتدلى القامة على أعدل الأمزجة، وآتاه العقل وقوّة النطق والتصرّف في المخلوقات، والقدرة على أنواع الصنائع، وجعل فيه الروح ليكون ملحاقاً بعالم المجرّدات، والبدن المادي ليجمع بين العالم
العلوي والسفلي، فلذا كان أنموذجا كما قيل:
وتزعم أنك جرم صنن وفيك انطوى العالم الأكبر
وقوله: ﴿وَأَحْسِنُوَاْ﴾ إشارة إلى وجه اتصال، قوله واليه المصير بما قبله، والمسخ بالخاء المعجمة أريد به التغيير وهو ظاهر. قوله: (فلا يخفى عليه الخ) تفسير لقوله: ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾، وبيان لأنه ذكر تعليلا لما قبله، وهو كالدليل عليه، لأنه إذا علم السرائر وخفيات الضمائر لم يخف عليه خافية، من جميع الكائنات الكليات والجزئيات، وقوله: لأنّ نسبة الخ، استدلال على إحاطة علمه تعالى، كما مرّ في القدرة لأنه ذاتي، وما هو بمقتضى الذات لا يتفاوت ولا يختص ببعض المعلومات. قوله: (وعلى علمه بما فيها) وفي نسخة لما فيها، لأنّ اأ! ال على علمه إما اتقان مصنوعاته لأنّ مثل هذه المتقنات لا تصدر إلا عن علم كمل بها، ويكفيه إيجادها أو اختيار بعض أحوالها دون بعض، فإنه يدلّ عليه أيضا، وللمتكلمين في إثباته وجهان كما ذكرناهما، واليه أشار المصنف بقوله: من الإتقان، وقوله: والاختصاص الخ، فتأمّل. قوله: (أيها الكفار) جعل الخطاب للكفار لدلالة ما بعده عليه، قيل: إنه إشارة إلى أنه خطاب لأهل مكة، وقوله: في الدنيا متعلق بذاقوا، أو بكفرهم، وقوله: أصله الثقل، واستعمل للضرر لأنه يثقل على الإنسان ثقلا معنويا، وقوله: الثقيل القطار من إضافة الصفة المشبهة لفاعلها، وهو بزنة كتاب جمع قطر، وقوله: المذكور توجيه لأفراد ذلك لتأويله بالمذكور، ولو قال: ما ذكر كان أحسن، وقوله: بسبب الخ فالباء سببية، والضمير شأني، وقوله: وتعجبوا لأحسن، أو تعجبوا، وقوله: للواحد الخ دفع لما يتوهم من أنه كان الظاهر يهدينا. قوله: (واستغنى الخ) معطوف على ما قبله ولا حاجة إلى جعله حالاً


الصفحة التالية
Icon