لا أشربه، وقد رواه بعضهم عنه، كما في شرح مسلم، فالكفارة لذلك اليمين لا للتحريم وحده، فما ذكر وجهان لا وجه واحد، محصله أنه أتى باليميق والكفارة، فإنه مخالف لسياقه من غير داع له.
قوله:) أو العسل) قد عرفت أنّ هذا هو الصحيح، إلا أنه لم يكن عند حفصة على الصحيح، وأنما كان عند زينب كما مرّ، وأما كون أو هنا لمنع الخلو ليصح التبعيض، فلا أرى له وجها فتدبر وأسرار أمر الخلافة ذكره ابن حجر عن الطبراني-، وفي عبارته طسامح فإنها تشعر بالحصر، وليس بمراد، وقوله: أي على إفشائه فهو على التجوّز، أو تقدير مضاف
فيه، ولم يجعله لمصدر نبأت مع أنه بمعنى الإفشاء لئلا تنتشر الضمائر. قوله: (ويؤيده قراءة الكسائتي بالتخفيف الخ) فإنه على هذه القراءة لا يحتمل معنى العلم، لأن العلم تعلق به كله بدليل قوله: أظهره، وقوله: أعرض الخ فتعين أن يكون بمعنى المجازاة، لا بمعنى الإقرار كما في القاموس فإنه لا وجه له هنا، قال الأزهري في التهذيب من قرأ عرف بالتخفيف، يعني غضب من ذلك، وجازى عليه، كما تقول للرجل يسيء إليك والله لأعرفن لك ذلك، قال الفراء وهو حسن، انتهى وقد وردت المعرفة والعلم بمعنى المجازاة كثيرا في القرآن، لأنها لازمة لها إذ ما لا يعرف لا يجازي عليه. قوله: (لكن المشذّد الخ) ويجوز أن يكون العلاقة اللزوم أيضاً، والسببية إذ المجازاة بالتطليق مثلاً سبب لتعريفها بالجناية، والمخفف بالعكس. قوله: (على الالتفات) من الغيبة إلى الخطاب للمبالغة، فإنّ المبالغ في العتاب يصير المعاتب مطروداً بعيدا عن ساحة الحضور، ثم إذا اشتد غضبه توجه إليه وعاتبه بما يريد. قوله:) فقد وجد منكما الخ) يعني أنّ قوله: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ لا يصح أن يكون جوابا للشرط إلا بهذا التأويل، أي إن تتوبا فلتوبتكما موجب وسبب، كقوله: ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ﴾ [سورة البقرة، الآية: ٩٧] أي فلمعاداته سبب وموجب، أو التقدير حق لكما ذلك فقد صدر ما يقتضيها، وقال ابن هشام هذا كقوله: إن تكرمني اليوم فقد أكرمتك أمس، وفيه إشكال من وجهين، أحدهما أنّ الإكرام الثاني سبب للأوّل، فلا يستقيم أن يكون مسببا عنه، والثاني أنّ ما في حيز الشرط مستقبل، وهذا ماض، ولذا قال ابن الحاجب توهم كثير أنّ جواب الشرط يكون سبباً ومسبباً وهو فاسد، وتوجيهه أنه سبب للإخبار بقوله: صغت قلوبكما فإن قلت الآية سبب للتحريض على التوبة فكيف تجعل سبباً لذكر الذنب، قلت: ذكر الذنب متسبب عنه، وهو لا ينافي التحريض، وقيل الجواب محذوف تقديره يمسح إثمكما، وقوله: فقد صغت الخ، بيان لسبب التوبة فإن قلت: ما قدره في الكشف لا يتسبب عن الشرط، بل الأمر بالعكس، فإن اعتبر الإعلام فليعتبر ابتداءكما، فعله ابن الحاجب وإلا فحقه أن تقديره فقد أديتما ما يجب عليكما، أو أتيتما بما يحق لكما، ويجعل ما ذكر دليلاً على الجواب المقدر حينئذ (قلت) هذا جواب آخر غير ما ذكره ابن الحاجب، وهو نظير ما قاله النحاة في قوله:
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة
فإنه بتاويل تبين أني لم تلدني لثيمة، والمعنى هنا فقط ظهر أنّ ذلك حق لكم، فليس
مآله إلى ما قاله ابن الحاجب، لكنه أقرب إلى التأويل مما ذكره كما قيل. قوله: (وهو ميل قلوبكما) الدال عليه صغت، وقال عن الواجب دون إلى الواجب، والحق أو الخير حتى يصح جعله جوابا من غير احتياج إلى الإضماو، فإنه يقال: صغا إليه إذا مال ورغب، كما في الأساس لأنه الماضي، وقد قرأه ابن مسعود زاغت، وتكثير المعنى مع تقليل اللفظ يقتضي ما اختاره المصنف رحمه الله تعالى، كما قيل لكنه إنما يتمشى على ما ذهب إليه ابن مالك، من أنّ الجواب يكون ماضياً، وإن لم يكن لفظ، كان فيه نظر. قوله: (من مخالقة رسول الله) بالخاء المعجمة واللام والقاف أي موافقة أخلاقه والتخلق بها وهو بيان للواجب، والفاء تحريف من الناسخ، وقوله: تتظاهرا أي تتفقا وتتعاونا عليه، وقوله: فلن يعدم من باب علم أي يفقد من يظاهره ويعينه، وهو إشارة إلى أنّ ما ذكر دليل الجواب وسببه أقيم مقامه، أو هو مجازا وكناية عما ذكر، فيكون جوابا بنفسه، وقوله: صلحاء المؤمنين إشارة إلى ما سيأتي، من أنّ صالح في معنى الجمع كما ستسمعه عن قريب. قوله: (رئيس الكروبيين) في الفائق الكروبيون سادة الملائكة كجبرائيل وإسرافيل، وهم المقربون من كرب إذا قرب، وقال ابن مكتوم في تذكرته إنّ الكروبين بفتح الكاف وتخفيف الراء من كرب إذا قرب قال:
كروبية منهم ركوع وسجد
وقد تقدم تفصيله. قوله: (ناصره اللمولى معان كما مرّ، فكون الله مولاه