البعير رفع رأسه وشفقته وأقشع الغيم وقشعته الريح أي إزالته وكشفته، وقد حكى ابن الأعرابي كبه الله وأكبه بالتعدية فيهما على القياس، وحكاه في القاموس فالاعتراض عليه غير متوجه. قوله: (والتحقيق أنهما من باب انفض (يقال: انفض القوم بالفاء والضاد المعجمة إذا فني زادهم وقد يكنى به عن الهلاك أيضا فالهمزة فيه للصيرورة كألام إذا صار لئيما وانفض إذا صار نافضا لما في مزودته لفنائه وليست الهمزة فيه للمطاوعة وأك! ث مطاوع كب كما ذهب إليه ابن سيده في المحكم تبعاً لبعض أهل اللغة كالجوهريّ وتبعه ابن الحاجب وأكثر شراح المفصل إلا أن بعض المدققين قال معنى كون الفعل مطاوعا كونه دالاً على معنى حصل عن تعلق فعل آخر متعد به كقولك: باعدته فتباعد، فالتباعد معنى حصل من المباعدة كما يفهم من كلام شراح المفصل، والشافية ومباينة المطاوعة للصيرورة غير مسلمة وفي شرح الكشاف للشريف الائتمار معنى صيرورته مأمورا وهو مطاوع الأمر فسوى بين المطاوعة والصيرورة مع أنه ذكر ما هنا بعينه في بحث القلب من شرح المفتاح فليحرّر هذا. قوله: (يعثر كل ساعة ويخرّ على وجهه (الخرور السقوط على وجهه، وهو معنى الانكباب، وكونه: كل ساعة عبارة عن دوامه في حال مشيه وهو مستفاد من كونه حالاً من الفاعل هنا ومقارنا له مع معونة المقام، وهو معناه هنا لا في كل محل وقوله: لوعورة طريقه أي صعوبة المشي فيه لما فيه من الحجارة الكثيرة الكبيرة، وهو بيان لعلة السقوط والعثار، واختلاف أجزائه بانخفاض بعض وارتفاع بعض آخر فليس تفسيراً لما قبله كما توهم. قوله: (قائماً سالماً من العثار) اختار هذا التفسير لأنه بمعنى مستو والمستوي هو المنتصب القامة فلذا فسره بقائما وأمّا سلامته من العثار فمن وقوعه حالاً كما مرّ فإنه إذا دام انتص به لزم أنه سالم من العثار، وأمّا تفسيره بمستوى الجهة قليل الانحراف على أنّ المكب المتعسف الذي ينحرف هكذا وهكذا فغير مناسب هنا لأنّ قوله: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ يصير مكزرا وليس في كلام المصنف اختلاط الأمن سوء الفهم. قوله:) مستوى الأجزاء (لأنه إذا لم تستو أجزاؤه لم يستقم سطحه وعدم استواء الأجزاء اختلافها ارتفاعا وانخفاضا. قوله:) والمراد تمثيل المشرك الخ (تعريف السالكين للعهد وهما المكب والسوي والمسكين الطريق المستقيم، ومقابله فهما
تمثيلان لا أربعة كما يتوهم وفي كل منهما استعارة تمثيلية، وقوله: ولعل الخ إشارة إلى أنه ذكر المسلك في الثاني دون الأوّل اكتفاء بما يفهم من قوله: مكبا من أنّ طريقه غير مستو كما أشار إليه أوّلاً بقوله: لوعورة طريقه الخ وقوله: للإشعار الخ هو المرجح لتركه في الأوّل دون الثاني. قوله: (لا يستأهل الخ) تقدم أن يستأهل بمعنى يستحق ويصير أهلاً ورد في كلام المغرب، وهو لفظ صحيح فصيح وانكار الحريري له في درة الغواص وهم كما بيناه في شرحها فلا عبرة بمن اتبعه هنا واعترض على المصنف. قوله: (كمشي المتعسف) هو الذي يمشي في غير الطريق ويرتكب ما لا يليق فإنه لا يسمى مسلكه طريقا لأن أصل الطريق ما تطرقه الأتدام، وهذا ليس كذلك وفي عبارته تسامح لدخول الكاف على غير الممثل به إذ المشي لا يصلح مثالاً للطريق وفي بعض النسخ كممشى بميمين اسم مكان فلا تسامح فيه فلعل إحدى الميمين سقطت من قلم الناسخ والتعسف المشي في غير الطريق، وقوله: متعاد تفاعل من العداوة وهو مجاز بليغ لأن المراد مختلف الأجزاء أرتفاعا وانخفاضا فكأن بعض أجزائه معاد لبعض، ويقال: لضده متناصف كأنّ بعضه ينصف بعضاً، وقوله: وقيل المراد بالمكب الأعمى الخ وهو كناية أو مجاز مرسل جعل بعد ذلك تمثيلا لمن ذكر إذ هو لا ينافي التجوّز في بعض مفرداته قبله، وقوله: وقيل الخ فلا تمثيل فيه. قوله تعالى: ( ﴿قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ ) تقدم مثله وأنّ قليلاً صفة مصدر مقدر أي شكراً قليلا وما مزيدة لتأكيد التقليل والجملة حال مقدّرة والقلة على ظاهرها أو بمعنى النفي كان الخطاب للكفرة، وجوز في الجملة أن تكون مستأنفة والأوّل أولى وقوله: باستعمالها أي هذه الأعضاء المذكورة وهي السمع وما معه، وقوله: فيما خلقت لأجلها أنث الضمير الراجع لما رعاية لمعناها لأنها بمعنى الأشياء وما خلقت لأجلها هو ما أشار إليه من استماع المواعظ وما بعده، ويجوز أن يراد بما ذكر تعداد النعم. قوله: (للجزاء) قيده به لئلا يتكرّر مع قوله: ﴿أَنشأكُم﴾ ولأنه المناسب لقوله: ﴿وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾، وقوله: (أو ما وعدوا) الخ لا يضرّه كونه لم يقع إذ تخلف الوعيد لا ضير


الصفحة التالية
Icon