قوله: (أو لنفي ظنهم فيما سوى ذلك مبالغة) على أنّ المستثنى منه مطلق ظنهم، والمستثنى ظنهم في أمر الساعة أي لا ظن، ولا تردّد لنا إلا ظن أمر الساعة، والتردّد فيها فالمستثنى منه كل ظن لهم، والمخرج ظن خاص على أنّ تنوينه للتنويع أو التعظيم، أو التحقير وهذا ما ذهب إليه السكاكي، ومن تبعه وليس مخالفاً له كما توهم، وهو معطوف على قوله لاثبات الظن. قوله: (لامكانه) صلة مستيقنين لا تعليل للنفي أي نحن لا نتيقن إمكانه فضلاً عن تحقق وقوعه المدلول عليه بقوله إنّ وعد الله حق فهو ردّ له. قوله: (ولعل ذلك قول بعضهم) ذلك إشارة إلى قولهم إن نظن الخ، وهو دفع لسؤال مقدر، وهو أنهم منكرون للبعث جازمون بنفيه كما مرّ في قولهم: ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا﴾ [سورة الأنعام، الآية: ٢٩] فكيف أثبت لهم الظن من غير إيقان في أمرها فدفعه صريحاً بعدما أشار إلى دفعه ضمنا بأنّ المظنون هو الامكان، والمنفيّ ثمة
الإيقان لكون ذلك في بقعة الإمكان بأنهم مفترقون فرقاً في طرق الضلال فبعضهم جازم بنفيها كأئمة الكفر، وبعضهم متردّد متحير، وفيها فاذا سمع ما يؤثر عن آبائهم أنكرها، وإذا سمع الآيات المتلوة تقهقر إنكاره فتردّد، وقوله في أمر الساعة تنازعه سمع، وتلى أو هو متعلق بقوله تحيروا، ومعناه تردّدوا. قوله: (على ما كانت عليه) يعني إن أعمالهم التي زينها لهم الشيطان، وحسنها في أعين الخذلان ظهر لهم في الآخرة سوءها، وقبحها كما كانت كذلك في الدنيا، وإن لم يقرّوا بذلك، وما موصولة أو مصدرية، وقوله بأن عرفوا الخ متعلق ببدا، وهذا كما يقال عرف قبيح فعله فإنّ المراد عرف قباحته، والوخامة تعفن الهواء المورث للأمراض الوبائية استعير هنا للضرر. قوله: (أو جزاؤها) يعني المراد بظهور سيئات أعمالهم ظهور سوئها كما قررناه أو المراد ظهور جزائها على أنها مجاز عما تسبب عنها أو أنه على تقدير مضاف فيه، وسيئات الأعمال إضافة لامية أو من إضافة الصفة للموصوف، والضمائر المؤنثة في كانت، وقبحها وما بعده لما عملوا لأنه بمعنى الأعمال، وهو معطوف بحسب المعنى على قوله على ما كانت. قوله: (وهو الجزاء) تفسير لما فالمراد به احياؤهم وجزاؤهم، وقيل المراد به قولهم إن نظن إلا ظناً فيندفع به التناقض، وهو بعيد، وحاق بهم بمعنى حل بهم وهو لا يستعمل في غير المكروه. قوله: (نترككم في العذاب ترك ما ينسى) يعني أنّ المراد به هنا الترك لاستحالة النسيان عليه تعالى فهو استعارة أو مجاز مرسل، وكلامه صريح في الأول، ويجوز أن يكون فيه استعارة مكنية، وقوله كما تركتم عدّته بضمّ فتشديد ما يعدّ له مما لا بدّ منه كزاد المسافر وراحلته، وعدة الآخرة التقوى، وما ضاهاها كما قال: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ [سورة البقرة، الآية: ٩٧ ا] وقوله ولم تبالوا عطف متضمن لوجه الشبه وهو عدم المبالاة به فإن الشيء يترك أو ينسى لذلك وقيل التعبير بالنسيان لأنه مركوز في فطرتهم أو لتمكنهم منه بظهور دلائله فالنسيان الأوّل مشاكلة. قوله:) ١ ضافة المصدر إلى ظرفه) فهو على معنى في، ومفعوله مقدر، والأصل لقاءكم الله، وجزاءه في ذلك اليوم، وقال التفتازاني: إنه كمكر الليل والنهار فهو مجاز حكمي فلذا أجرى مجرى المفعول به وأنما لم يجعل من إضافة المصدر إلى المفعول به حقيقة لأنّ التوبيخ ليس على نسيان لقاء اليوم نفسه بل ما فيه من الجزاء، ولا يخفى أنّ لقاء اليوم يجوز أن يكون كناية عن لقاء جميع ما فيه وهو أنسب بالمقام لأنّ السياق لانكار البعث. قوله: (فحسبتم أن لا حياة سواها) فالخطاب لمن لم يتحيروا في أمرها أولهم بناء على تناقض
أقوالهم، واختلاف أحوالهم وقوله بفتح الياء الخ، وغيره بضمها وفتح الراء، وهو ابتداء كلام أو التفات. قوله: (لا يطلب منهم أن يعتبوا) من الأعتاب، وهو إزالة العتب جعل كناية عن الارضاء، وهو المراد، وقد تقدّم في الروم، والسجدة تفسيره بوجوه أخر فتذكره، وقوله لفوات أو أنه تعليل للنفي. قوله: (إذ الكل نعمة منه دال على كمال قدرته) وتعريف الحمد إمّا للاستغراق أو للجنس، وهو إخبار عن اسنحقاقه له أو إنشاء، وتقديم الظرف للحصر، والفاء التفريعية للإشارة إلى أنّ كفرهم لا يورث شيئاً في ربوبيته، ولا يسدّ طريق إحسانه ورحمته ومن ومن يسدّ طريق العارض الهطل
وانما هم ظلموا أنفسهم ورب العالمين بدل، وقوله: إذ الكل الخ فيجب حمده، ولا
مانع من اختصاص الحمد بالجميل الإنعامي به تعالى كما مرّ تحقيقه في فاتحة الفاتحة فلا وجه