لجميع ما ذكر وقوله: سريرة تفسير لخافية وفي نسخة ذكر منكم بعده إشارة إلى أنه في نية التأخير صفة لخافية لما قدم للفاصلة صار حالاً ويصح تعلقه بخافية، ولذا قيل: إنه من التجاذب المذكور في شرح المفتاح وهو نوع من البديع، وهو أن يقع في الكلام لفظ يصح تعلقه بما بعده وما قبله، وهو في علم النحو من التنازع فيما توسط فأعرفه وقوله: للفصل مرجح كما مرّ، وقوله: تبجعاً بتقديم الجيم على الحاء ومعناه الافتخار على
وجه المسرّة بما افتخر به. قوله: (وفيه لغات الخ) ها تكون فعلا صريحا واسم فعل ومعناها في الحالين خذ فإذا كانت اسم فعل ففيها لغتان المدّ والقصر، وهي كذلك مع المذكر والمؤنث والمفرد وغيره، ويتصل بها كاف الخطاب اتصالها باسم الإشارة وإذا كانت فعلا صريحا اتصلت بها الضمائر البارزة المرفوعة وفيها حيحئذ لغات إحداها أن تكون بوزن عاطي يعاطي فيقال: هاء يا زيد وهائي يا هند وهائيا يا زيدان ويا هندان، وهاؤا يا زيدون وهكذا والثانية أن تكون مثل هب، والثالثة: أن تكون كخف وهي متعدية بنفسها كخذ وقيل؟ بإلى كتعال وتفصيله في كتب العربية. قوله: (أجودها هاء يا رجل) أي أفصح لغاتها أن تستعمل كما ذكرها لمصنف وهو المذكور في كتاب سيبويه وهاؤم بالميم قيل: مخفف من أمّوا بمعنى اقصدوا وقيل: الميم ضمير جماعة الذكور، وفيه كلام في محله ومرّ في الكهف طرف منه. قوله: (لآنه أقرب العاملين) فيرجح لقربه وهو أحد المذهبين وبهذا استدل من رجحه لأنه لو أعمل الأوّل أضمر في الثاني لأنّ الأولى إظهار الضمير إذا أمكن كما هنا، وإنما لم يظهر في الأوّل لأنه على اللغة الجيدة اسم فعل فلا تتصل به الضمائر كما مرّ. قوله: (والهاء فيه وفي حسابيه وماليه وسلطانيه للسكت الا ضمير غيبة فحقها أن تحذف وصلا وتثبت، وقفا لتصان حركة الموقوف عليه فإذا وصل اسنغنى عنها ومنهم من أثبتها في الوصل لإجرائه مجرى الوقف أو لأنه وصل بنية الوقف والقراآت مختلفة فيه على ما فصل في كتب الأداء واثباتها وصلا قراءة صحيحة ولا يلتفت لقول بعض النحاة إنها لحن وقوله: في الإمام هو مصحف عثمان رضي الله عنه، وقوله: ولذلك أي إثباتها في الإمام تبع فيه الزمخشريّ حيث قال: قرأ جماعة لإثباتها وقفاً ووصلا اتباعاً للمصحف قال في الانتصاف تعليل القراءة باتباع المصحف عجيب مع أنّ المعتقد الحق أتا لقرا آت بتفاصيلها منقولة عن النبيّ ﷺ وأطال في التثنغ عليه وهو كما قال. قوله: (ولعله عبر عنه بالظن الخ) بناء على أنّ الظاهر من حال المؤمن الكامل تيقن أمور الآخرة من الحشر والحساب، ونحوه فالمنقول عنه في مدحه ينبغي أن يكون كذلك لكن الأمور النظرية لكون تفاصيلها لا تخلو عن تردّد مّا في بعضها مما لا يفوت اليقين فيه كشدة الحساب وسهولته مثلا عبر عنه بالظن مجازا للإشعار بذلك وليس مراده أنه مما يلزم الإيمان به، وتيقنه كما قيل فإنه لا يلزم ذلك إذ من المؤمنين من يكرمه الله لأنه لا يحاسب فكيف يكون تيقنه لازما حتى يورد عليه
أن إيمان المقلد معتبر والظن الذي ليس معه احتمال النقيض كاف في الإيمان، ويجاب بأنّ المراد حسابه اليسير أو المراد ظننت أني ملاق حسابي مع الثدّة والمناقثة ونحو. مما لا داعي له، ثم هذا بناء على أنّ الظن لا يستعمل بمعنى العلم إلا مجازا وهو المصرّح به في كتب اللغة، وقيل: إنه يطلق عليه حقيقة وهو ظاهر كلام الرضي في أفعال القلوب وفيه نظر. قوله: (ذات رضا على النسبة بالصينة الخ) يعني أنّ النسبة على قسمين نسبة بالصيغة كلابن وزرّاد وبالحرف كروميّ وزنجيّ، والمراد هنا النسبة بالصيغة فهي بمعنى ذات رضا أي ملتبسة بالرضا فيكون بمعنى مرضية وهو المراد إلا أنه أورد عليه أنّ ما أريد به النسبة لا يؤنث كما صرّح به الرضي وغيره فكيف يصح هذا التاويل مع تأنيثه إلا أن يقال: التاء فيه للمبالغة كعلامة كما ذكره بعض المتأخرين ولا يخفى ما فيه، والحق كما يفهم من شراح الكتاب أنّ المراد أنّ ما قصد به النسبة لا يلزم تأنيثه وإن جاء فيه على خلاف الأصل الغالب أحياناً وليس هذا محل تفصيله. قوله: (أو جعل الفعل لها مجازا) يعني أنه مجاز في الإسناد وأصله راض صاحبها فأسند الرضا إليها لجعلها لخلوصها دائما عن الشوائب كأنها نفسها راضية، ويجوز أن يكون فيه استعارة مكنية وتخييلية كما فصل في المطوّل. قوله: (أو الدرجات الخ) فوصفها بالعلو مجاز لعلو درجاتها وما فيها من بناء ونحوه وهو على الأوّل حقيقة، وعلى الأخيرين مجاز عقليّ أو بتقدير