الله على ما عرف في نحو سرتني رؤيتك وفي الآية مبالغات بليغة، وكان أصله فلم يجيبوني، ونحوه فعبر بالزيادة المسندة للدعاء وأوقعت الزيادة
عليهم مع الإتيان بالنفي والإثبات وفراراً تمييز، وقيل إنه مفعول ثان بناء على تعدي الزيادة والنقص إلى مفعولين، وقد قيل: إنه لم يثبت وإن ذكره بعضهم. قوله تعالى: ( ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ﴾ الخ أليس من عطف المفصل على المجمل كما توهم حتى يقال الواو من الحكاية لا من المحكي، وقوله: إلى الإيمان إشارة إلى حذف متعلقه ويصح جعله منزلاً منزلة اللازم أيضا، وقوله: (سدّوا مسامعهم (الخ فهو كناية عما ذكر ولما فيه من المبالغة البليغة اختاره وإن أمكن إبقاؤه على أصله وحقيقته كما يعرب عنه نسبة الجعل إلى الأصابع وهو منسوب إلى بعضها، وايثار الجعل على الإدخال على ما مرّ في سورة البقرة تفصيله. قوله: (تغطوا الخ) بيان للمعنى المراد منه، وقوله: كراهة النظر الخ ولفرط كراهتهم عموا بالستر آلة الأبصار، وغيرها من البدن مبالغة في إظهار ذلك، ولذا أتى بالاستفعال وسين الطلب فكأنهم طلبوا الستر من ثيابهم للمبالغة فيه أو لأنّ من يطلب شيئا يبالغ فيه فأريد لازمه فالمبالغة بحسب الكيف، ولكم فلا يقال الكراهة إنما تقتضي ستر عيونهم دون غيرها، وقوله: أو لئلا أعرفهم فأدعوهم أخره لضعفه فإنه قيل عليه إنه يأباه ترتبه على قوله: كلما دعوتهم اللهم إلا أن يجعل مجازاً عن إرادة الدعوة، وهو ئعكيس للأمر وتخريب للنظم. قوله: (وأكبوا على الكفر والمعاصي) يعني انهمكوا وجدوا فيها، وكونه مستعارا مما ذكر في أصل اللغة، وقد صار حقيقة عرفية في الملازمة للانهماك في الأمر، وقوله: الحمار أراد الحمار الوحشي الذكر والعانة بالعين المهملة والنون جماعة الحمر والأتن الوحشية أيضا والصرفي الأصل الربط وصر الأذنين رفعهما ونصبهما مستويتين كما تفعله الحيوانات إذا أسرعت، وجدت في عض بعضها في مخاصمته أو سوقه للأتان ونزوه عليها للجماع، وفيه إيماء إلى أنّ المنهمك في مثله قبيح رذل ملحق بأحمق الحيوانات لتشبيهه بالحمار في أقبح حالاته وأسوئها. قوله: (عظيما (هو من المصدر المؤكد المنكر فإنّ تنكيره للتعظيم وهو أولى من كونه للتنويع والاستكبار طلب الكبر من غير استحقاق له، وقوله: مرّة بعد أخرى يفهم من ذكره مكرّراً، وقوله: كرة بعد أولى أي رجوعا لكرة بعد البدء بمرة أولى. قوله: (على أفي وجه أمكنني) إشارة إلى وجه التكرير وإنه لتعميم وجوه الدعوة بعد تعميم وجوه الأوقات كما أشار إليه بفوله وثم الخ فإنّ العطف للدلالة على تفاوتها رتبة، وقوله: أغلظ من الأسرار يقتضي أنّ الأوّل سر فقط، وليس في النظم ما يقتضيه فكأنه
أخذه من المقابلة، ومن تقديم قوله: ليلا وذكرهم بعنوان قومه، وقوله: فراراً فإنّ القرب ملائم له وقوله: والجمع الخ فإنه شأن المجتهد في أمر كما قالت الخنساء:
لها حنينان إعلان وأسرار
قوله: (أو لتراخي بعضها عن بعض) فهي بمعناها الحقيقي لتراخي الزمان إلا أنه لئلا
ينافي عموم الأوقات السابق قيل: إنه باعتبار مبدأ كل من الأسرار والجهار ومنتهاه إذ لا ترجيح لاً حد الطرفين على الآخر فيهما فيدل على امتداد كل منهما وباعتبار منتهى الجمع بينهما لأنه المحتاج للبيان فيدل على أنه ممتد أيضا فثم الثانية محتملة للوجهين كما في قوله: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى﴾ [سورة البقرة، الآية: ٢٦٢] لا أنها على الثاني تفيد التأكيد إذ اعتبار تراخي المعطوف فيه باعتبار الانتهاء للإيذان بلزوم الاستمرار على عدم اتباعهم المن والأذى في استحقاق الأجر الموعود يفيده لا يتبعون لاستمرار النفي فيه بخلاف ما نحن فيه، ولذا ذكر المصنف الوجهين هنا وإقتصر على أحدهما ثمة فلا وجه للاعتراض عليه بما في الاقتصار من التقصير، ولك أن تقول عموم الأوقات عرفي كما في قوله: لا يضع العصا عن عاتقه فتدبر. قوله: (أحد نوعي الدعاء) فينتصب على المصدرية انتصاب قعدت القرفصاء وقوله: مجاهراً به بفتح الهاء اسم مفعول صفة للدعاء لأنه مجهور به وإذا كان حالاً فهو مؤوّل بمجاهر على زنة اسم الفاعل، وقوله: بالتوبة عن الكفر فإنه لا يغفر أن يشرك به وقال ربكم تحريكاً لداعي الاستغفار ولما كان هذا ملوحا لغفاريته نزلهم منزلة السائلين فقال إنه كان غفاراً. قوله: (وكأنهم لما أمرهم الخ) توجيه لذكر الأمر بالاستغفار والمنح العطاء جمع منحة، وقوله: ولذلك وعدهم أي لكون المقصود بما ذكر إزالة شبههم، ودفع ما يغيظهم وعدهم على الاستغفار بأمور هي


الصفحة التالية
Icon