ابن عباس إنما هو في هذه القصة واستماعهم تلاوته في الفجر في هذه القصة لا مطلقاً، ويدلق عليه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ﴾ [سورة الأحقاف، الآية: ٢٩] الخ، فإنها تدل على أنه كلمهم ودعاهم، وجعلهم رسلاَ لمن عداهم، كما قاله البيهقي وروى أبو داود عن علقمة عن ابن مسعود عن النبيّ ﷺ قال: " أتاتي داعي الجن فذهبت معه وقرأت عليها القرآن قال: وانطلق بثا وأرانا آثارهم وآثار نيرانهم " الخ وقد دلت الأحاديث على أنّ وفادة الجن كانت ست مرات، وقال ابن تيمية أنّ ابن عباس علم ما دل عليه القرآن، ولم يعلم ما علمه ابن مسعود وأبو هريرة من إتيان الجن له، ومكالمتهم له، وقصة الجن كانت قبل الهجرة بثلاث سنين، وقال الواقدي كانت سنة إحدى عشرة من النبوّة، وابن عباس ناهز الحلم في حجة الوداع فقد علمت أنّ قصة الجن وقعت ست مرّات، وفي شرح البيهقي من طرق شتى عن ابن مسعود أنّ النبئ ﷺ صلى العشاء ثم انصرف فأخذ بيدي حتى أتينا مكان كذا فأجلست! وخط علئ خطاً ثيم قال: " لا تبرح عن خطك " فبينما أنا جالس إذ أتاتي رجال منهم كأنهم الزط فذكر حديثاً طويلا وإنه ﷺ ما جاءه إلى السحر قال وجعلت أسمع الآصوات ثم جاء فقلت: أين كنت يا رسول الله فقال: " أرسلت إلى الجن " فقلت: ما هذه الآصوات التي سمعت قال: " هي أصواتهم حين ودعوني وسلموا علئ " وفي الكشاف أنّ هؤلاء الجن من قبيلة هي أكثرهم وتسمى الشيصبان. قوله: (كتابا) فسره به للإشارة إلى أن ما ذكروه وصف له كله دون المقروء منه فقط، والمراد أنه من الكتب السماوية، وقوله: وهو مصدر يعني عجباً، وقوله: على ما نطق به الدلائل أراد المذكورة في هذا القرآن، أو مطلق الأدلة، وقوله: على التوحيد متعلق بالدلائل. قوله تعالى: ( ﴿وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا﴾ الم يعطف بالفاء لأنّ نفيهم هنا للإشراك، أمّا لما قام عندهم من الدليل العقلي كما هو ظاهر إطلاق المصنف لا السمعي، فحينئذ لا يترتب على الإيمان بالقرآن، فإن قلنا هو سمعي مأخوذ مما تلي عليهم كما يدلّ عليه قول المصنف، كأنهم سمعوا من القرآن ما ينبههم على خطأ ما اعتقدوه في الشرك، فيكفي في ترتبهما عليه عطف الأوّل بالفاء خصوصاً والباء في قوله، به تحتمل السببية فيعم الإيمان به، الإيمان بما فيه، فإنك إذا قلت ضربتة فتأدب وانقاد لي فهم ترتب الانقياد على الضرب، ولو قلت فانقاد لم يترتب على الأوّل، بل على ما قبله، فما قيل من أنه عطف بالواو لتفويض الترتب إلى ذهن
السامع، وقد يقال إنّ مجموع قوله: فآمنا به ولن نشرك مسبب عن مجموع قوله: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا﴾ الخ، فكونه قراناً معجزاً يوجب الإيمان به، وكونه يهدي إلى الرشد يوجب قلع الشرك من أصله، وفي تقرير المصنف إيماء إليه لا يخلو من الخلل فتدبر. قوله: (قرأه ابن كثير والبصريان بالكسر الخ) قيل: كلامه هنا في تفصيل القراآت لا يخلو عن خبط، وتحريره ما في النثر وهو أنهم اختلفوا في، وأنه تعالى وما بعده إلى قوله: وانا منا المسلمون، وتلك اثنتا عشرة همزة فقرأها ابن عامر وحمزة والكسائيّ وخلف وحفص بفتح الهمزة فيهن، ووافقهم أبو جعفر في ثلاثة، وأنه تعالى، وأنه كان يقول وانه كان رجال، وقرأ الباقون بكسرها في الجميع، واتفقوا على فتح أنه استمع، وأنّ المساجد لله، لأنه لا يصح أن يكون من قولهم، بل هو مما أوحي بخلاف الباقي فإنه يصح أن يكون من قولهم ومما أوحى، واختلفوا في وأنه لما قام فقرأ نافع وأبو بكر بكسر الهمزة والباقون بفتحها انتهى، وتلخيصه إن أن المشدّدة في هذه السورة على أقسام، فقسم ليس معه واو العطف، ولا خلاف بين القراء في فتحه أو كسره حسبحا اقتضته العربية، فلا خلاف في فتح أوحى إليّ أنه استمع، لأنه مصدر نابط عن الفاعل، وقوله: ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا﴾ لا خلاف في كسره، لأنه محكي بالقول، وقسم مع الواو وهو أربع عشرة، إحداها لا خلاف في فتحه، وهو وأنّ المساجد، والثانية وانه لما قام كسرها ابن عامر وأبو بكر، وفتحها الباقون، والاثنتا عشرة، وهي وأنه تعالى جد الخ وإنه كان يقول، وانا ظننا، وانه كان رجال، وانهم ظنوا، وانا لمسنا السماء، وانا كنا، وانا لا نا- ري، وأنا منا الصالحون وأنا ٠ ظننا وأنا لما سمعنا وأنا منا المسلمون وهي مقروءة بالو- كين والكلام في توجيهها كما ستسمعه. قوله: (من جملة الموحى به) فيعطف على أنه استمع، وقوله: إلا في قوله: إنه لما قام فكسراه، وقوله: على أن ما كان من قولهم الخ، احترز به عن العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار، لأنه لا يجوز في فصيح الكلام، ولو


الصفحة التالية
Icon