يسوغ. قوله: (ونوعا آخر من العذاب (فسره به لأنّ تنوينه للتنويع ولأنه يعلم من المقابلة أيضا، وقوله: لا يعرف كنهه إلا الله من إيهامه وتنكيره. قوله:) ولما كانت العقوبات الأربع) هي النكال وما بعده وشرع في بيان اشتراكها بقوله: فإن الخ والانهماك زيادة التقيد في الاستكثار من الشيء، وقوله: تبقى مقيدة الخ ضمير حبها وبها للشهوات وهو بيان لاشتراكهما في الإنكال والقيود فقيد الأجسام حديد وقيد الأرواح عدم التجريد والبدن لمنعه لها عن الاتصال بعالم القدس والقيود والأغلال، وترك بيان ذكر قيد الجسد لظهوره، وقوله: متحرّقة بالتاء الفوقية أو النون بيان لجحيم الروح، وهو بعدها عن عالم القدس وجحيم البدن معلوم، وقوله: غصة الهجران بيان لما للروح من طعام الفجار وأمّا طعام أولئك في النار فظاهر، وقوله: معذبة بالحرمان إشارة إلى نصيبها من العذاب المبهم، وقد اقتدى بالإمام فيما ذكره فيكون الإنكال وما بعده مشتركاً بين عذاب الروج والبدن، وهو مجاز في الثاني حقيقة في الأوّل فيلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز أو عموم المجاز من غير قرينة، وليس في الكلام ما يدل عليه بوجه من الوجوه. قوله: (فسر العذاب (في قوله: عذابا أليما بالحرمان وهذا جواب لما، وقد أشار لتفسيره بما ذكر قبيله يعني، والحرمان عن لقائه مما يعذب به الأرواح لبعدها وحجبها عمن تحب والأشباج لعدم نظرها وتمتعها بلقاء من تحب، ولما كان الرضوان أعظم ثوابا كان الحرمان أشذ عقابا، ومن العجب ما قيل هنا إنه علق تفسير العقوبة الرابعة بالحرمان عن لقائه على كون العقوبات مشتركة، ومن جملة ذلك كونها معذبة بالحرمان، وفيه رائحة دور وتحير في جوابه، ثم اعترف بأنه تشوّس عليه فهمه، ولا يخفى أن الحرمان الذي جعله مشتركا هو الحرمان من الأنوار القدسية بحيث تبقى في ظلمة الضلال، والغضب والمقت ولا شك في
مغايرته للحرمان عن لقائه تعالى فحديث الدورّ باطل ووجه وقوعه جواباً أنه لما علم أن ما ذكر أمور اشتركت فيها الأرواح والأجساد، ودلّ تنكير العذاب وتهويله على أنه أعظم أنواع العذاب المشترك ولا أشذ مما ذكر فسر به كما أشرنا إليه أوّلاً لكن المدعي محتاج إلى التنوير فتدبر. قوله تعالى: ( ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ﴾ الخ) فيه وجوه فقيل إنه متعلق بذرني، وقيل: صفة عذابا وقيل متعلق بأليماً والذي اختاره المصنف رحمه الله إنه منصوب بالاستقرار الذي تعلق به لدينا أي استقر ذلك العذاب لدينا، وظهر يوم ترجف الخ وترجف مبنيّ للفاعل، وقرئ مبنياً للمجهول من أرجف في الشواذ. قوله: (رملاَ مجتمعاً) فهو تشبيه بليغ، وقوله: فعيل بمعنى مفعول أي في الأصل، ثم غلب حتى صار له حكم الجوامد، وقوله: لأنه وفي نسخة كأنه وهي المتداولة، وأنما قال: كأنه لأنّ الظاهر إنه اسم وضع له ابتداء وليس بصفة مشبهة، فما قيل: إنه لا يعرف لإيراد كأنه وجه لا يعرف له وجه وكونها رملا يترتب على الرجفة لكنه ترك فيه ذكر حرف التعقيب، وعبر بالماضي مع أنّ ما تسبب عنه مضارع لتخييل أنه سبق الرجفة فكأنه حصل المسبب قبل السبب مبالغة في عدم تخلفه عنه، واتصاله به حتى يتوهم أنه كان قبله كما قاله بعض الفضلاء، وقوله: منثورا أي صارت ككثيب انتثر وكونه كثيبا باعتبار ما كان عليه قبل النثر فلا تنافي بين كونه مجتمعا ومنثورا وليس المراد إنها في قوّة ذلك، وصدده كما توهم ولا فرق بيته وبين تفسيره بما يطرج تحت الأرجل كما قيل. قوله: (من هيل هيلاَ إذا نثر) كلاهما فعل مجهول، وقوله: يا أهل مكة فيه التفات من الغيبة في قوله: فاصبر على ما يقولون والمكذبين إن كان الخطاب لهؤلاء، والمراد بهم المكذبون من أهل مكة فإن كان هذا عاما فالظاهر أنه ليس من الالتفات في شيء، وقوله: بالإجابة والامتناع عدل عما في الكشاف من قوله: يشهد عليك بكفركم وتكذيبكم لأنّ أهل مكة شامل للمؤمنين والكافرين وتخصيصه لأنه المناسب للمقام فليس ما هنا أولى منه، وقوله: لأن المقصود الخ إذ المقصود ذكر من تكبر على الرسل وعاقبته وقد يقال: لم يعين لأنه معلوم غنيّ عن البيان. قوله: (عرقه لسبق ذكره (ولو نكر أوهم مغايرته له وليس بمراد فالتعريف فيه للعهد الذكري، وقوله: لا يستمرأ أي لا يعد مريئا لذيذاً، وقوله: للمطر العظيم أي العظيم قطره. قوله:) فكيف تتقون أنفسكم (لا يخفى ما فيه فإن اتقى لا يتعدى لمفعولين حتى يقدر له مفعول آخر وأنما الذي غرّه قول الزمخشري في تفسيره فكيف تقون أنفسكم يوم القيامة، وهوله إص وقد ناقشه


الصفحة التالية
Icon