ينسبونه إلى الافتراء وهذا محصل ما ذكره في الكشاف فتدبر. وضمير له للموصول والتعجب من كونه معجزاً لهم ومثله كيف يكون افتراء. قوله: (أي إن عاجلنى الله الخ) في الكشاف إن افتريته على سبيل الفرض عاجلني الله تعالى لا محالة بعقوبة الافتراء عليه، فلا تقدرون على كفه عن معاجلتي ولا تطيقون دفع شيء من عقابه عني فكيف أفتريه وأتعرض لعقابه اهـ وهو إشارة إلى أنّ قوله فلا تملكون الخ ليس هو الجواب في الحقيقة، وإنما هو قائم مقامه، والجواب قوله عاجلني الخ والفاء في قوله: فلا تملكون لي للسببية فأقيم المسبب مقامه أو تجوّز به عنه كما بينه بعض شرّاحه واليه أشار المصنف بقوله: إن عاجلني الخ فلا وجه لما
قيل إنه ردّ على الزمخشريّ ولا مخالفة بين أوّل كلامه وآخره، ولو قيل يعاقبني لم يتم ما أراده كما توهم. قوله: (من غير توقع نفع ولا دفع ضر من قبلكاً) بكسر القاف وفتح الباء أي من جهتكم وجانبكم وهو متعلق بكل من النفع والضر وهو من مفهوم الآية لا من الواقع فقط كما توهم لأنّ معنى لا تملكون شيئا لا تقدرون على نفع أو ضر وهو ظاهر. قوله: (تندفعون قيه (تفسير لقوله: تفيضون لأنه مستعار من فاض الماء وأفاضه إذا سال للأخذ في الشيء قولاً كان أو فعلاَ كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ﴾ وهو المراد من الاندفاع. وقوله: (من القاخ) أي الطعن فيها بيان لما. وقوله تعالى: ﴿شَهِيدًا﴾ حال ﴿بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾ متعلق بقوله شهيداً أو كفى. وقوله: (وهو وعيد بجزاء إفاضتهم) أي أخذهم وشروعهم في الطعن في الآيات فكان مقتضى الظاهر اقترانه بالفاء فاستؤنف لأنه في جواب سؤال مقدر فتأمّل. قوله: (وإشعار بحلم اكله عنهم) إذ لم يعاجلهم بالعقوبة وأمهلهم ليتداركوا أمورهم وعظم جرمهم يفهم من مقابلته بالمغفرة والرحمة العظيمة كما يفهم من صيغة المبالغة فيهما، فإنّ الجرم العظيم يحتاج لمغفرة عاليمة. قوله: (بديعاً منهم) فهو صفة مشبهة أو مصدر مؤوّل بها، ويجوز إبقاؤه على أصله وإن كان المصنف لم يرتضه والمراد بكونه بديعاً منهم أنه مبتدع لأمر يخالف أمورهم كما أشار إليه بقوله: أدعوكم الخ فالجملة حالية أو مستأنفة لبيان ذلك، والخف بكسر الخاء المعجمة وقشدحيد الفاء صفة مشبهة بمعنى الخفيف. قوله: (على أنه كقيم) هي قراءة عكرمة وأبو حيوة، وابن أبي عبلة على أنه صفة على فعل بكسر ففتح كدين قيم ولحم زيم قال أبو حيان: ولم يثبت سيبوبه صفة على فعل الأقوم عدى، واستدرك عليه لحم زيم أي متفرّق وأمّا قيم فمقصور من قيام، ولولا ذلك صحت عينه كما في حول وعوض، وأمّا قول العرب مكانا سوى وماء روي وماء صرى فمتاوّلة عند التصريفيين إمّا بالمصدر أو القصر، وقرأ مجاهد بفتح الباء وكسر الدال وهو صفة كحذر وقوله: أو مقدر بمضاف على أنه جمع بدعة كسدرة وسدر، أو مصدر والإخبار به مبالغة أو بتقدير مضاف. قوله: (في الدارين) على التفصيل وإمّا إجمالاً فهو معلوم فلا منافاة بينه وبين قوله ليغفر لك الله ما تقدم، وقريب منه أنّ المنفيّ العلم بتعيين وقته أو هو محمول على ما في الدنيا وقيل إنها منسوخة، وأورد عليه أنّ النسخ لا يجري في الخبر إلا أن يكون المنسوخ الأمر بقوله قل. أو المراد بالنسخ مطلق التغيير وقوله: المشتمل على ما يفعل
بي يعني أنّ أصله ما أدري ما يفعل بي وبكم فهو مئبت في حيز الصلة، وليس محلا للنفي ولا لزيادة لا إلا أن يقال أصله ولا ما يفعل بكم، فاختصر كما ذهبا إليه بعضهم إلا أنه لما كان النفي داخلاً عليه بالواسطة كفى ذلك في زيادة لا، ونحوه مما يختص بالنفي كزيادة الباء في الخبر ونظيره أو لم يروا أنّ الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن الخ إذ دخلت الباء في خبر أن لوقوعه في حيز النفي، وقوله: مرفوعة محلا بالابتداء والجملة معلق عنها الفعل القلبي، وهو إمّا متعدّ لواحد أو اثنين وعلى الموصولية هو متعد لواحد وجوّز في ما المصدرية أيضاً. قوله: (وهو جواب عن اقتراحهم) فالقصر إضافيّ وسبب النزول ما ذكر أو سؤال المسلمين عن الهجرة أو استعجالهم المذكور لضجرهم وما سبق خطاب للمشركين، وكذا الحصر في قوله وما أنا إلا نذير، وقوله: أي القرآن تفسير لاسم كان المستتر ويحتمل أنه للرسول إلا أنه كان الظاهر كنت ولذا لم يذكره مع ظهوره وقوله: وقد كفرتم يعني إنها جملة حالية بتقدير قد. وقوله: (ويجوز أن تكون الواو عاطفة) أي لا حالية كما في الوجه السابق.