لا يرضى نجاسة ما يماسه كيف يرضى بنجاسة نفسه يقال: فلان طاهر الثياب وطاهر الجيب ونقي الذيل والأردان إذا وصف بالسلامة من العيوب والأخلاق الرديئة. قوله: (فيكون أمرا باستكمال القوّة العملية الخ) استكمال القوّة من وثيابك فطهر على هذا التفسير فإنّ تطهير النفس عن المذمة لا يتيسر بدون الأعمال الشاقة والمجاهدة والرياضة حتى يتصفى عنه كما بين في علم الأخلاق، وقوله: باستكمال القوّة النظرية هو من قوله: وربك فكبر لأنّ تعظيمه بنعوت الجلال وتنزيهه عما لا يليق بكبريائه إنما يظهر لمن كان تام العقل كاملا في قوّة النظر، ولذا قال: بعد أمره فتدبر. قوله: (فطهر دثار النبوّة الخ) هذا على تفسير المدّثر بالمتدثر بالنبوّة والكمالات النفسانية كما في بعض الحواشي، ولذا أخره المصنف فالثياب هي الدثارات يعني آثار صفاته النفسانية الظاهرة عليه وأنوار النبوّة الساطعة من مشكاة ذاته ومن لم يفهم مراده اعترضر عليه بأنه لا يلائمه جمع ثيابك لأنّ الثياب حينئذ الصفات الملتبسة به التباس الثياب بلابسها فافهم. قوله: (واهجر العذاب الخ) فالمراد بالرجز هنا العذاب، وهجره عبارة عن هجر ما يؤدّي إليه من الشرك والمعاصي ولما كان المخاطب به النبيّ ﷺ وهو بريء عن ذلك كان أمراً لغيره بطريق التعريض كقوله:
إياك أعني فاسمعي يا جارة
أو المراد الدوام على هجره وهو الذي عناه المصنف بقوله: بالثبات الخ فالرجز مجاز
وقد أقيم مقام سببه، أو هو بتقدير مضاف أي أسباب الرجز أو التجوّز في التشبيه. قوله: (وقرأ يعقوب وحفص! والرجز بالضتم) يعني بضم الراء وهي لغة في المكسور وهما بمعنى، وهو العذاب وعن مجاهد أنه بالضم بمعنى الصنم وبالكسر العذاب. قوله تعالى: ( ﴿وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ﴾ ) فيه تفاسير للسلف فعن ابن عباس لا تعط عطية لتعط! أكثر منها، وعن الحسن
والربيع لا تمنن بحسناتك على الله مستكثراً لها فتنقص عند الله وعن مجاهد لا تضعف عن عملك مستكثرا لطاعتك، وعن غيره لا تمنن بما أعطاك الله من النبوّة والقرآن مستكثراً به الأجر من الناس قال الرازي: وهو محتمل لها كلها فالوجه حمله على معنى عام شامل لها، وفيه نظر فقوله: ولا تعط مستكثراً على أنّ النهي عن المن بمعنى الإعطاء من من بمعنى أنعم والاستكثار على ظاهره والسين للطلب أي طالبا أكثر مما تعطي، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، وهو المتبادر منه فلذا قدّمه لأنه أقوى رواية ودراية، وقوله: نهى بصيغة المصدر وهو أولى أو الماضي المجهول والاستغزار استفعال من غزر بالغين والزاي المعجمتين، ثم راء مهملة بمعنى كثروا لاستغزار كما ورد في الحديث أن يهب هبة يريد بها عوضاً أكثر منها وهو مكروه وقد نهى عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقوله: وهو الخ تفسير له، وقوله: في عرض المراد به متاع وشيء من أمور الدنيا. قوله: (نهي تنزيه) أي لا تحريم فإن كان النهي خاصاً بالنبيّ ﷺ فالنهي للتحريم لأنّ الله تعالى اختار له أكمل الصفات، وأشرف الأخلاق فامتنع عليه أن يهب لعوض أكثر وهذا لم يصدر عنه حتى ينهى، ويحرم عليه فهو بعيد ولذا أخره المصنف رحمه الله، وقوله: لقوله الخ فإنه يدل على عدم النهي فما ورد يكون نهياً له خاصة، وهذا الحديث موقوف على شريح رواه ابن أبي شيبة، وقوله: الموجب له أي المقتضي للنهي عن الاستغزار ما ذكر والحرص ظاهر للطلب المذكور والضنة بكسر الضاد البخل لأنه لو كان كريماً لم يقصد بهبته عوضا. قوله: (أو لا تمنن على الله تعالى بعبادتك الخ (فمتعلقه مقدر وهو بعبادتك، والمن بمعنى تعداد الجميل من من عليه إذا ذكر صنيعه معه وا! جمن على هذا ليست للطلب بل للوجدان والمعنى وجده وعده كثيراً فإن أريد به استكثار الأجر فهي للطلب والأجر كالأجرة النفع الدنيوي. قوله: (وقرئ تستكثر بالسكون) وهو حال كما أشار إليه المصنف فالسكون للوقف حقيقة أو بإجراء الوصل مجراه، وقيل: تسكينه للتخفيف وليس جزما أو هو جزم على البدلية من تمنن المجزوم بلا الناهية، وهو بدل اشتمال لأنّ المن بمعنى الإعطاء أو تعداد الجميل يشتمل على عد. أو وجدانه كثيراً وأمّا كونه بدل كل من كل على اذعاء الاتحاد فتكلف مستغنى عنه. قوله: (على أنه من من بكذا الخ) كان عليه أن يفسره، والمراد أنه من المن بمعنى الاعتداد بما أعطى لا الإعطاء نفسه، وفيه لطف لأنّ الاستكثار مقدّمة المن فكأنه قيل:
لا تستكثر فضلا عن المن كما في الكشف. قوله:) وبالنصب على إضمار أن)