(كالرهن) فإنه مصدر بمعنى المفعول في أكثر استعمالاته، وقوله: لقيل رهين لأنّ فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر، والمؤنث في الأصل واختير المصدر مع موازنة الرهين لليمين، وكونه حقيقة غير محتاج للتأويل لأنّ المصدر هنا أبلغ فهو أنسب بالمقام فلا يلتفت للمناسبة اللفظية فيه، وكون فعيل صفة على خلاف القياس أو مما غلب عليه الاسمية كالنطيحة أمر آخر، ولكل أن يختار ما يختار فلا وجه لاعتراض أبي حيان على الزمخشري به، وقوله: أطلقت ظاهر وفي نسخة أطلق باعتبار المصدر. قوله: (وقيل هم الملانكة) فإنهم غير مرهونين بديون التكاليف كالأطفال، ومرضه لأنّ إطلاق النفس على الملك غير معروف ولأنهم لا يوصفون بالكسب أيضا، وقيل: لأنه يقتضي اختصاصهم باليمين والأول أولى، وقوله: فإنهم الخ إشارة إلى أنه استثناء متصل وعلى الأخير يجوز في الاستثناء الاتصال والانفصال بناء على أنّ الكسب مطلق العمل أو ما هو تكليف، وفي قوله: أو الأطفال مقدر أي، وقيل: وتركه لظهور أنه ليس مع ما قبله قولاً واحداً فلا غبار عليه. قوله: (لا يكتته وصفها) يشير إلى أنّ تنوينه للتعظيم، ويكتنه بمعنى يدرك كنهه، وقد تقدم أنه غير مولد وأنه ثابت في اللغة، وقوله: أو ضميرهم فقدّم للفاصلة وقوله: أي يسأل بعضهم بعضا فالمفاعلة على ظاهرها والبعض إمّا عبارة عن شخص أو جماعة والظاهر أنه غير منظور فيه لذلك، وقوله: أو يسألون غيرهم الخ فليس للمفاعلة الحقيقية، ولكنه أريد به الدلالة على كثرة المسند إليه وتعدده فإنّ التفاعل يرد
للتكثير أيضاً واليه أشار بقوله: كقولك تداعينا وهو منقول عن الزمخشريّ في شرح الكشاف. قوله: (بجوابه) بيان لارتباطه بما قبله أي هذا سؤال بجوابه، وقع حكاية لما جرى بين المؤمنين المسؤولين والمجرمين أجاب بعضهم بعضا بها أي لما سألوا أصحابهم عن حال المجرمين قالوا لهم نحن سألنا المجرمين عن ذلك، وقلنا لهم: ما سلككم في سقر فقالوا لنا في الجواب لم نك من المصلين وكان يكفي أن يقال حالهم كيت وكيت لكن هذا أثبت للصدق، وأدل على حقيقة الأمر ففيه مقدر ومثله من الإيجاز كثير في القرآن، والتقدير ظاهر قيل: والأظهر أنه بيان للتساؤل والتقدير يتساءلون المجرمين عنهم لا يتساءلون عن حال المجرمين، وهو أقرب من إضمار القول من غير قرينة، ولا يخفى تكلفه وبعده وأقرب من هذا كله أن يقدر قائلين بعد ذلك للمجرمين وكونها حالاً مقدرة إن لم يعتبر امتداد زمان التساؤل سهل، وتقدير ويقولون لا يناسبه قالوا في الجواب لما فيه من الركاكة الظاهرة. قوله: (ما يجب إعطاؤه (إشارة إلى أن المراد بالإطعام الإعطاء وأنه مخصوص بالواجب لأنه الذي يقتضي تركه العذاب، وقوله: مخاطبون بالفروع المراد بالفروع ما عدا الإيمان من العمل لأنهم مخاطبون به بلا خلاف كالعقوبات، والمعاملات أما العبادات فاختلف فيها فالدّاهبون إلى أنهم مخاطبون بها استدلوا بهذه الآية فإنهم جعلوا عذابهم لترك الصلاة فلو لم يخاطبوا بها لم يؤاخذوا وتفصيل المسألة في أصول الفقه، فإن قلت إنه لا خلاف في المؤاخذة في الآخرة على ترك الاعتقاد فيجوز أن يكون المعنى من المعتقدين للصلاة ووجوبها فيكون العذاب على ترك الاعتقاد، وأيضاً المصلين يجوز أن يكون كناية عن المؤمنين وأيضا هو من كلام الكفرة فيجوز كذبهم أو خطؤهم فيه، قلت: ما ذكرت عدول عن الظاهر يأباه قوله، ولم نك نطعم المسكين الخ والمقصود من الآية تحذير غيرهم فلو كان كذباً أو خطأ لم يكن في ذكره فائدة. قوله: (نشرع في الباطل الخ (إما على أنه من استعمال المقيد في المطلق أو الاستعارة لأنّ الخوض ابتداء الدخول في البحار والأنهار، وقوله: أخر. لتعظيمه الخ جواب عن أنه كان ينبغي تقديمه لأنه أعظم الذنوب بأنه أخره لتعظيمه فإنّ المعظم قد يؤخر كما في قوله: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [سورة البلد، الآية: ١٧] والمعنى كنا بعد ذلك كله مكذبين بيوم القيامة، وقوله: الموت الخ ويجوز أن يراد العذاب الموعود به، وقوله: لو شفعوا لهم يعني أنه على الفرض، ولا شفاعة وقد تقدم أنه من قبيل:
ولا ترى الضب بها يحجر
وحمل تعريف الشافعين على الاستغراق لأنه أبلغ وأنسب بالمقام. قوله:) معرضين عن التذكير) إشارة إلى أنّ التذكرة مصدر بمعنى التذكر وأنّ الجار والمجرور مقدم من تأخير
للفاصلة، والحال هنا من الضمير في الخبر وهي لازمة وهي المقصودة من الكلام ولها مع الاستفهام في ماله وما باله شأن خاص وجملة كأنهم حالية أيضا، وقوله: