أي جمعهما المذكور لا ينافيه الخسوف السابق لأنّ الخسوت كما تقرّر يكون إذا تقابلا وحالت الأرض بينهما، ولذا كان في أواسطه فلا يتأتى مع اجتماعهما لأنه إنما ينافيه إذا أريد مصطلح أهل الهيثة أمّا لو أريد به ذهاب الضوء كما مر وذلك باستتاره، وهو المحاق بتثليث الميم فلا منافاة بينهما حتى يقال يجوز أن يكون الخسوف في وسط الشهر والجمع في آخره إذ لا دلالة على اتحاد وقتيهما في النظم، وإن صح ذلك أيضاً. قوله: (ولمن حمل ذلك) أي قوله: برق البصر على شخوصه عند النزع والاحتضار لأنه ينكشف له الأمر حينئذ فيعلم حقية ما أخبر به، ولذا اتصل بما قبله والخسوف حينئذ بمعنى ذهاب نور البصر منه، لأنه المناسب له وجمع الشمس، والقمر حينئذ استتباع الروح حاسة البصر فيعبر بالشمس عن الروج وبالقمر عن حاسة البصر على نهج الاستعارة فانّ نور البصر بسبب الروج كما أنّ نور القمر بسبب الشمس، وقوله: في الذهاب أي ذهاب الروح بزهوقها وذهاب إحساس الحاسة وجميع الحواس بذهاب الروج. قوله: (أو بوصوله إلى من كان الخ (الضمير للروح وإن كان مؤنثاً لتأويله بمذكر وقوله: من سكان جمع ساكن بيان لمن وفي نسخة لمكان فقوله: من سكان متعلق بقوله: يقتببس على أنه بدل من قوله منه وهو معطوف على قوله: باستتباع أي فله أن يفسر الجمع بوصول الروح الإنسانية إلى محل أو إلى من كان يقتبس الروج منه نور العقل، وهم سكان القدس أي الأرواح المقدسة المنزهة عز النقائص المتقدمة عن نور الأنوار فالقمر مستعإر للروح والشمس لسكان الملأ الأعلى لأنهم يقتبس منهم اقتباس القمر من الشمس. قوله: (وتذكير الفعل (وهو جمع لتقدّمه هو المصحح لأنه إنما يجب إذا تأخر وتغليب المعطوف المذكر، وهو القمر هو المرجح وليس التغليب هنا اصطلاحيا حتى يعترض بأنهما لم يجتمعا في تعبير واحد بل المراد به جعل حكمه من التذكير معتبرا غالباً على الشمس فلا وجه للاعتراض بأنه لا يجوز قام هند وزيد على التغليب، والجواب بأنه ليس وجها مستقلاً بل لا معنى له. قوله:) أين
الفرار) فهو مصدر ميمي وقوله: قول الآيس لعلمه بأنه لا فرار حينئذ وحمله على حقيقته على توهمه ذلك لدهشته، والمتمني مفعول لوجدانه، وقوله: وقرئ بالكسر أي كسر الفاء على القياس في اسم المكان لأنّ مضارعه يفسر بالكسر ومن ظنه بكسر الميم فقدسها وجوّز في المكسور أن يكون مصدراً كالمرجع أيضا. قوله: (رع عن طلب المفر) المراد بطلب التلفظ بما يدل على طلبه عند اليأس، أو بناء على ظاهره فلا يعترض عليه بأنه لا يناسب ما تقدم من أنه قول الآيس كما قيل. قوله: (مستعار من الجبل) لأنّ الوزر الجبل المنيع، ثم شاع وصار حقيقة لكل ملجأ فلا ينافي هذا قوله في الكشاف كل ما التجأت إليه من جبل أو غيره وتخلصت به فهو وزرك كما قيل. قوله: (إليه وحده استقرار العباد) فالمستقر مصدر ميمي، واليه قدم لإفادة الاختصاص لا بناء على جواز تقدم معمول المصدر إذا كان ظرفاً لتوسعهم فيه بل لأنه خبر ومعنى كون استقرارهم إليه لا منجا ولا ملجأ غيره، وقوله: أو إلى حكمه الخ لأنه مالك الملك ومصير أمرهم إليه والى حكمه في القيامة، وقوله: أو إلى مثيئته على تقدير مضاف فيه كما في السابق أو هو محصل المعنى المراد منه، والمستقر على هذا اسم موضع وهو مقرهم بعد الحشر في دار الخلود فإنه مفوض لإرادته. قوله تعالى: ( ﴿يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ﴾ الخ) فصله عما قبله لاستقلال كل منه ومن قوله: يقول الخ في الكشف عن سوء حاله، وقوله: بما قدم من عمل عمله الخ فما قدم كناية عما عمل، وما أخر ما تركه ولم يعمله وهو مجاز مشهور فيما ذكر أو ما قدمه ما عمله وما أخره عمل من اقتدى به بعده عملاَ له كأنه وقع منه، وبقية المعاني ظاهرة. قوله: (حجة بينة) تفسير لقوله: بصيرة فهو مجاز عن الحجة الظاهرة أو بصيرة بمعنى بينة وهي صفة لحجة مقدرة وجعل الحجة بصيرة لأن صاحبها يبصر بها فالإسناد مجازي أو هي بمعنى دالة مجازا أو هو استعارة مكنية، وتخييلية وكلام المصنف رحمه الله تعالى يحتمله والإنسان مبتدأ وبصيرة خبره وعلى متعلق به، والتأنيث للمبالغة أو لكونه صفة حجة كما مرّ، وقوله: على أعمالها أي أعمال النفس فهو بتقدير مضاف فيه أو هو المراد منه. قوله: (لأنه شاهد بها) أي بالأعمال في يوم القيامة حيث تنطق أعضاؤه بما عمل، وقوله: أو عين بصيرة بها عطف على قوله: بينة وبها متعلق بمقدر أي