وقيل إلا قوله ولا تطع منهم آثماً أو كفورا.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (استفهام تقرير وتقريب) تقريب بالرفع عطف على استفهام أو بالجرّ عطف على تقرير، والتقرير الحمل على الإقرار بما دخلت عليه والمقرّر به من ينكر البعث، وقد علم أنهم يقولون نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه فيقال لهم: فالذي أوجدهم بعد أن لم يكونوا كيف يمتنع عليه إحياؤهم بعد موتهم، وهذا معنى الهمزة المقدرة معها، والتقريب تقريب الماضي من الحال وهو معنى قد وهل المرادفة لها فلما سدت مسد الهمزة دلت على معناها ومعنى الهمزة معاً، ثم صارت حقيقة في ذلك فقوله، ولذلك أي لدلالتها على ما ذكر كما عرفته، وقوله: فسر بقد كما فسرها به ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من النحاة كالكسائيّ وسيبوبه والمبرّد والفرّاء، وردّه ابن هشام في المغني وقوله: وأصله أهل على ما قرّرناه. قوله: (كقوله) القائل هو زيد الخيل قاله: في غارة أغارها على بني يربوع وهم قبيلة مغروفة أغار عليهم فأصاب منهم وقتل وسبى فقال في ذلك شعرا وهو:
سائل فوارس يربوع بشذتنا أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم
أم هل تركت نهيكافيه دامية ملاسة تنفث الطلاء بالقدم
والحرث بن هشام عند معترك رهن المقامة للعرجاء والرخم
إنا كذاك إذا ما غارة لحقت نفضي لكل رقيق حذه خدم
وكل مشترف من نسل سلهمة يلتحن عند اعتراك الموت باللجم
وهذه جميع الأبيات قال السيوطي في شرح شواهد المغني والذي رأيته في نسخة قديمة
من ديوانه فهل رأونا وقال السيرافي الرواية الصحيحة أم هل رأونا وأم منقطعة بمعنى بل فلا
دليل فيه لما قاله الزمخشري، ومن تبعه لأنّ الحرف لا يدخل على مثله ولم يجعله المصنف رحمه الله دليلاَ كما في الكشاف لاحتمال أنه جمع بينهما للتوكيد كما في قوله:
ولا للما بهم دواء
مع أنّ هذا أقرب لعدم اتحادهما لفظاً، والسفح أسفل الجبل ينفسح فيه الماء، والقاع الأرض المنخفضة وا! م جمع أكمة وهي ما علا من الأرض دون الجبل والشدة بالفتح الحملة أو بالكسر القوّة والباء فيه لتضمين سائل معنى أهيم أو للسببية، وقوله: أهل الخ كناية وتعريض معناه أهل كنا غالبين أم هم وفيه تعريض بأنهم كانوا في الحضيض كذا في الكشف وعندي إنه كناية عن انهزامهم لأنّ من شأن المنهزم الالتجاء إلى جبل. قوله: (طائفة محدودة) أي مقدرة، وهو تفسير للحين وهو شامل للكثير والقليل لأنها إمّا مدة الحمل إن أريد النطفة أو هي مدّة مادة آدم المخمرة طيناً على الخلاف فيها هل هي أربعون سنة أو مائة وعشرون كما في الآثار إن أريد العنصر، وقوله: الزمان الممتدّ الغير المحدود تفسير للذهر فإنه عند الجمهور يقع على مدة العالم جميعها وعلى كل زمان طويل غير معين والزمان عامّ للكل، وتوقف أبو حنيفة في معنى الدهر كما ذكر في كتاب الإيمان يعني في المراد به عرفا حتى يقال: بماذا يحنث إذا قال: لا أكلمه الدهر. قوله: (غير مذكور بالإنسانية (إشارة إلى أنّ النفي راجع للقيد أي غير معروف بها والمراد أنه معدوم لم يوجد بنفسه إذ كان الموجود أصله مما لا يسمى إنساناً ولا يعرف بعنوان الإنسانية كالعناصر الأربعة جملتها أو بعضها المخلوق منها آدم عليه الصلاة والسلام، أو النطفة المتولدة من الأغذية المخلوقة من العناصر، وقوله: حال من الإنسان فأطلق على مادّته الإنسان مجازاً بجعل ما هو بالقوة منزلاً منزلة ما هو بالفعل أو هو من مجاز الأول وقوله: بحذف الراجع أي العائد وتقديره فيه كما في قوله: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً﴾ [سورة البقرة، الآية: ٤٨]. قوله: (والمراد بالإنسان الجنس) الشامل لآدم وبنيه لا آدم كما ذهب إليه بعض المفسرين وسيأتي لأنه أعيد معرفة في قوله: لقد خلقنا الإنسان من نطفة فيكون عين الأوّل، وآدم غير مخلوق من نطفة فإذا أريد الجنس فإمّا أن يكون جنس بني آدم وهو خارج، أو داخل بتغليب غيره عليه أو بجعل ما للأكثر للكل مجازاً في الإسناد أو الطرف فلذا قال: لقوله الخ فجعل هذا دليلاَ لتفسيره


الصفحة التالية
Icon