بمعنى الفصل معطوف على حمله والمراد مدتهما، وإن كان الفصال بمعنى وقته فهو معطوف على مدّة الحمل المقدر وقوله والمراد به أي بالفصال على الوجهين. وقوله المنتهى به أي بالفصال أو بالفطام. وقوله: ولذلك أي ولكون المراد الرضاع التانم عبر بالفصال عنه، أو عن وقته دون الرضاع المطلق، لأنه لا يفيده والموصوف بقوله التامّ لما فيه من تطويل الكلام، وقد تقدم تفصيله في سورة البقرة.
قوله: (كما يعبر بالأمد) ظاهره أنّ الأمد بمعنى النهاية وأنه عبر به عن جميع المدّة مجازاً
كما تطلق الغاية على مجموع المسافة، وفيه نظر من وجهين الأوّل أنه مخالف لكلام أهل اللغة قال الراغب: يقال أمد كذا كما يقال زمانه والفرق بينهما أنّ الأمد يقال باعتبار الغاية، والزمان عامّ في الغاية والمبدأ، ولذا قال بعضهم الأمد والمدى متقاربان اهـ الثاني أنّ البيت المذكور لا دلالة له على مدعاه لاحتمال أن يكون انتهى بمعنى انقضى، ومضى فالأمد فيه بمعنى الغاية أيضاً ويدفع بحمل كلامه على ما قاله الراغب إذ ليس فيه ما يأباه والتأويل المذكور بعيد. قوله: (كل حتي الخ) البيت من شعر من قصيدة لعبيد الأبرص وتمامه:
ومود إذا انتهى أمد.
وهو من قصميدة مشهورة. قوله: (وفيه دليل على أنّ أقل الخ) لأنّ مجموع الحمل وتمام الرضاع ثلاثون شهراً، وقد ذكر في آية أخرى مدة الرضاع مقدّرة بحولين كاملين وهما أربعة وعشرون شهرا فالفاضل منها ستة أشهر، وقد ذكر الأطباء أنّ أقل مدة تكون الولد في الرحم هذا المقدار. وقوله: ولعل تخصيص الخ أي خص ما ذكر بالبيان في القرآن الكريم بطريق الصراحة، والدلالة دون أكثر الحمل وأقل الرضاع، وأوسطهما لانضباطهما بعدم النقص والزيادة بخلاف ما ذكر. قوله: (وتحقق ارتباط حكم النسب) بأقل مدّة الحمل حتى لو وضعته
فيما دونه لم يثبت نسبه منه، وبعده يثبت وتبرأ أمّه من الزنا ولو أرضعته مرضعة بعد حولين لم يثبت له أحكام الرضاع في التناكح وغيره. قوله: (حتى إذا بلغ الخ) غاية لمقدر أي عاس واستمرّت حياته حتى الخ. والمراد أنه زاد سته على سن الكهولة من الثلاثين فما فوقها، وكونه لم يبعث نبيّ الخ أمر أغلبيّ، فإنّ عيسى كما مرّ نبئ في سن الصبا. وقيل إنه غير مسلم، وإنه كغيره بعث بعد الأربعين كما في شرح المواقف. وقوله: أوزعته بكذا أي جعلته مولعاً به راغباً في تحصيله فالمعنى رغبني ووفقني له. قوله: (وذلك يؤيد الخ) فإنه روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في الصدّيق رضي الله عنه لأنه صحبه صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمان عشرة ورسول الله ﷺ ابن عشرين سنة في سفر للشام في التجارة، فنزل تحت شجرة سمرة، وقال له الراهب: إنه لم يستظل بها أحد بعد عيسى غيره صلى الله عليه وسلم، فوقع في قلبه تصديقه صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يفارقه في سفر ولا حضر، فلما نبئ وهو ابن أربعين سنة آمن به، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة وصدقه فلما بلغ الأربعين قال وب أوزعني الخ كما قاله الوأحديّ، فما ذكر سواء أريد بالنعمة الدين أو ما يشمله يدل على أنها في حق واحد معين اتفق له في مراتب سنة ما اتفق، ولم يعهد في غير الصدّيق وذلك يحتمل أن يكون مبتدأ والجملة بعده خبره وما مفعوله، ويحتمل أنّ ما فاعل، وذلك مفعول مقدّم والإشارة إلى التفسير بما ذكر. قوله: (لم يكن أحد أسلم الخ) قيل عليه إسلام أبيه بعد الفتح، فيلزم أن ثكون هذه الآية مدنية والمصنف لم يستثن بعض الآيات كغيره فالتزمه بعضهم، وقال إنه مبنيّ على أنّ قوله ووصينا إلى أربع آيات مدنية فكان عليه أن ينبه عليه، وما ادّعاه من أنه لم يسلم أحد هو وأبوه غير. فيه نظر فإنّ في الصحابة جماعة كل منهم صحابيّ ابن صحابيّ كما يعرفه من نظر في أسماء الرجال كأسامة بن زيد وابن عمر نعم إنه قيل في ابنه عبد الرحمن إنه صحابيّ ابن صحابي ابن صحابي، ولا نظير له فتدبر. قوله: (أو لأنه أراد نوعاً) فالتنوين للتنويع، ولا يخفى أنّ النوع الذي يستجلب رضا الله عظيم أيضاً فالفرق بينهما يسير جدّا والمراد بكونه مرضياً له تعالى مع أنّ الرضا الإرادة مع ترك الاعتراض، وكل عمل صالح كذلك أن يكون سالما من غوائل عدم القبول كالرياء ونحوه، فحاصله اجعل عملي على وفق رضاك، وقيل المراد بالرضا هنا ثمرته على طريق الكناية.
قوله: (واجعل لي الصلاح الخ) يعني كان الظاهر أصلح لي ذريتي لأنّ لإصلاح متعدّ


الصفحة التالية
Icon