وتسمى سورة الساهرة والطامّة وهي مكية بالاتفاق وعدد الآيات ما ذكره المصنف رحمه
الله تعالى.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (هذه صفات ملانكة الموت الخ) يعني أن الموصوف واحد فيها وهم ملائكة الموت فالعطف لتغاير الصفات كما مرّ ولو جعلت الموصوفات متعددة على أنّ النازعات ملائكة العذاب، والناشطات ملائكة الرحمة جاز أيضا وجعل النزع للكفار، والنشط لغيرهم لأنّ النزع جذب بشدة والنشط بسهولة ورفق فلاءم ذلك التخصيص، وقوله: ينزعون أي يخرجون بجذب، وقوله: إغراقا الخ أي مبالغة في الغرق فالغرق بمعنى الإغراق كالسلام بمعنى التسليم أو هو الإغراق بحذف الزوائد، وقوله: فإنهم ينزعونها الخ تعليل وبيان للإغراق، وتخصيصه بالكفار لما مرّ من أنه جذب بشدة، وما للمؤمنين نشط لا أنه في الكفار معكوس من الأسفل إلى الأعلى حتى لا يرد أنه لا وجه للتخصيص! كما قيل، وهو منصوب على أنه مفعول مطلق، والمفعول به محذوف. قوله: (أو نفوساً غرقة في الأجساد (فهو مصدر مؤول بالصفة المشبهة، ونصبه على أنه مفعول به على هذا أو صفة للمفعول به، وهو معطوف على قوله: إغراقا، وقيل: على قوله: أرواح الكفار وعلى الأوّل التقابل ظاهر، وأما على الثاني فلأن المراد ينزعون أرواح الكفار من أبدانهم، أو نفوساً غرقة في الأجساد لشدة تعلقها بها بغلبة الصفات الجسمانية فهي بعيدة عن الرقيّ لعالم الملكوت، وهي نفوس الكفار، وهي من المجرّدات، وتتعلق بالبدن بواسطة الروح الحيواني، وهو البخار اللطيف الساري في البدن وبنزعه ينقطع تعلق الروح عن البدن، ومنه يعلم فساد ما قيل من أنهما متحدان لا تقابل بينهما. قوله: (يخرجون أرواح المؤمنين برفق) تفسير للنشط على، وجه يعلم منه وجه اختصاصه بالمؤمنين كما مرّ، وكذا اختصاص السبح أيضا وظاهر هذا أنهم النزع خارج البدن كالواقف، وظاهر ما بعده من السبح والغوص دخولهم فيه لإخراجها فيؤوّل أحدهما كالنشط بأنّ المراد منه السهولة أو السبح بأن المراد مجرّد الاتصال، والظاهر أنّ السبح هو الحركة الاختيارية في الماء فلا ينافي
الغوص فما قيل من أنّ إطلاق السبح على الغوص غير متعارف لا وجه له مع أنه لا ينفك عنه. قوله: (فيسبقون بأرواح الكفار الخ) السبق هنا بمعنى الإسراع مجازا فالعطف بالفاء إشارة إلى عدم التراخي في الاتصال، وقوله: أمر عقابها وثوابها لف ونشر مرتب، وقوله: بأن يهيؤها الخ إشارة إلى أنّ ملائكة العذاب غير ملائكة الموت فإنّ ملائكة الموت تهيؤها وتوصلها الإدراك الألم، واللذة دون تنعيم وتعذيب. قوله: (أو الأوليان) أي الصفتان الأوليان، وهما النازعات والناشطات لملائكة الموت وما بعده لملائكة الرحمة والعذاب فتتغاير الموصوفات كالصفات، وفوله: في مضيها الأظهر أن يقال في مضيهم، ولما حمل السابقات على طوائف غير ملائكة الموت لم يكن السبح إخراج الأرواح بل بمعنى المضي والسرعة في اتصالها لما سيقت له من النعيم والعذاب، فيدبرون أمره أي أمر ما أمروا به من كيفيته وما لا بدّ منه، فلا وجه لما قيل إنّ الأظهر أن يقال: فتدبرونه. قوله: (أو صفات النجوم) معطوف على قوله: صفات الملاثكة، وقوله: فإنها تنزع أي تسير من نزع الفرس إذا جرى، وهذا إشارة إلى أنّ المراد بها على هذا السيارة دون الثوابت وهي شاملة للشمس والقمر لما سيأتي، وقوله: غرقا في النزع أي مجدّة في السير مسرعة، وقوله: بأن تقطع الفلك من قطع المسافر الطريق إذا جاوزها، وهذا بالنسبة لما يبدو للناس في النظرة لأنّ حركتها تبع لحركة الفلك لا مستقلة في قطعه، وقوله: وتنثط الخ تفسير للناشطات على هذا وقوله: يسبحون الخ فيه تسمح وكان الظاهر تسبح، وقوله: كاختلاف الفصول الخ فإنه بحركة الشمس تحصل الفصول الأربعة وبحركة القمر تتميز الشهور والسنين والمواقيت إلى غير ذلك مما جعله الله منوطا بحركة النيرين كأوقات الصلوات والحج والمعاملات المؤجلة. قوله: (حركاتها من المشرق إلى المغرب) فسره به لأنها بحركة الفلك الأعظم تبعاً لأنه يتحرّك كذلك فيتبعه ما فيه ضرورة، وأما حركة الكواكب في منازلها من البروج لأنها حركتها الخاصة بها فغير سريعة وهي بإرادتها من غير قسر لها فلذا أطلق على الأولى نزعا لأنه جذب بشذة، وسميت الثانية نشطاً لأنه برفق كما مرّ وهذا مبني على ما ذكر في الرياضات. قوله: (أو صفات


الصفحة التالية
Icon