تعليل للمقدر وفيه تهوين لأمر الإعادة على وجه بليغ لطيف. قوله: (والساهوة الأرض البيضاء) أي التي لا نبات ولا بناء فيها لأنّ الأرض المزروعة ترى بما فيها من الخضرة كأنها سوداء، وقد تلطف بلدينا فقال:
إن الذين ترحلوا و! فوا بالهاجرة
أنزلتهم في مقلتي فإذا هم بالساهرة
وقوله: عين ساهرة الخ ففيه مجاز على المجاز لشهرة الأوّل التي ألحقته بالحقيقة، وقوله: وقيل اسم جهنم معطوف على قوله: الأرض البيضاء، وقوله: أو لأن سالكها الخ فالسهر بمعنا. المعروف، والتجوّز في الإسناد. قوله: (أليس قد أتاك حديثه الخ) يعني أنّ المقصود تسليته ﷺ وتهديد المكذبين له بإنذارهم بعذاب كعذاب من كذب الرسل قبلهم وهو بيان له بحاصل معناه لا إشارة إلى أن هل بمعنى قد كما مرّ في قوله: هل أتى والمقصود من الاسنفهام التذكير لا التقرير كما قيل، ومن هو أعظم منهم أي أشد كفراً كفرعون وقوله: بأن
يصيبهم الخ متعلق بيسليك وقوله: يتهددهم على التنازع، أو هو متعلق بالثاني فقط والمراد بكونه مثله في الجنس والمقهوربة والخذلان دون الاستئصال مع أن المحذر منه لا يلزم وقوعه، وقوله: إذا ناداه متعلق بالحديث أو مفعول اذكر مقدرا كما مرّ بيانه، وقوله: على إرادة القول أي تقديره والتقدير وقال له: أو قائلاً له وقوله: لما في النداء الخ يعني أنّ أن تفسيرية لوجود شرطها المشهور، ويجوز أن تكون مصدرية قبلها حرف جر مقدر أي بان ناداه الخ. قوله: (هل لك ميل إلى أن تتطهر الخ) يعني لك خبر مبتدأ مقدر، والجار والمجرور متعلق به وهو في الاستعمال ورد بفي وإلى فيقدر لكل ما يناسبه، ولذا قدر المصنف ميل لأنه يتعدى بإلى والزمخشريّ قدر الرغبة وهي مما يتعدى بفي وإلى فأيّ الصلتين ذكر بعد هذا الظرف صح، وقال أبو البقاء: لما كان المعنى أدة كوك جاء بإلى فجعل الظرف متعلقا بمعنى الكلام أو بمقدر يدلّ عليه، ومن لم يتفطن لمراده قال: إنه لا يفيد شيئاً في الإعراب إلا أنه مبني على أنّ الجملة بتمامها تكون عاملا وفيه شيء ومن دفع الاعتراض بأن هل لك مجاز عن أحدثك، أو أدعوك والصلة بعد. قرينة زاد في الطنبور نغمة فتأمّل. قوله: (تتطهر الخ) تفسير لقوله: تزكى، وقوله: بالتشديد أي تشديد الزاي وأصله تتزكى فأدغمت التاء الثانية في الزاي وتقديم التزكية على الهداية لأنها تخلية، وقوله: أرشدك إلى معرفته بيان لحاصل المعنى أو لتقدير مضاف فيه لأنّ الهداية إلى معرفته هداية له ولا حاجة إلى التقريب بأنها لإيجاده في الذهن، وقوله: إذ الخشية إنما تكون بعد المعرفة، بيان لموقع الفاء وتعليل لتقدير المضاف فيه وهو المعرفة ويؤيده قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ [سورة فاطر، الآية: ٢٨]. قوله: (وهذا (يعني هل لك الخ فإنه دعوة في صورة العرض والمشورة كقولك للضيف: هل لك أن تنزل عندنا وقوله: فذهب الخ يعني أنّ الفاء فصيحة وفيه مقدّر به ينتظم الكلام، وقوله: فإنه أي القلب كان المقدّم على غيره من معجزاته فهو المراد بالكبرى، والصغرى ما سواه بقرينة الفاء التعقيبية. قوله: (والأصل) إمّا أن يريد به إنه أقوى معجزاته الفعلية أو ما يبنى عليه غير. لأنّ كثيراً من معجزاته فيها كتفجير الماء بضربها وشق البحر والإضاءة ونحوه فلا حاجة إلى ما قيل من أن أصالتها بالنسبة إلى اليد البيضاء خصوصاً فإنها كالتبع لها فإنه مع تكلفه لا يسمن ولا يغني من جوع، وقوله: أو مجموع معجزاته الخ والوحدة لما ذكر، والفاء لتعقيب أوّلها أو مجموعها باعتبار أوّلها وكونها كبرى باعتبار معجزات من قبله من الرسل أو هو للزيادة المطلقة. قوله: (فكذب
موسى وعصى الله الم يقل، وعصاه لما دعاه لأنّ هذا أقوى في الذم ولجمعه بين معصية الله ورسوله لأنّ التكذيب أشذ العصيان، وقوله: بعد ظهور الآية أي على الوجهين وإفراد. لما مرّ وقوله: عن الطاعة إشارة إلى أنه بمعنى ولى وأعرض، وثم لأنّ إبطال الأمر ونقضه يقتضي زمانا طويلا وقوله: ساعيا إشارة إلى أنّ الجملة حالية، وقوله: أو أدبر الخ فهو إدبار حقيقيّ وقوله: فحشر الخ تفصيل لما قبله وثم على الثاني لأنّ إدباره مرعوبا بعد تلقف ما أتى به السحرة ومكالمتهم معه وتكذيبه وعصيانه تقدم عليه بزمان طويل فكلمة، ثم لا تأباه ما لم يجعل لاستبعاد أدباره مرعوباً مع دعوى الألوهية منه كما قيل. قوله: (فجمع السحرة الخ) فالحشر بمعناه اللغوي وجمع السحرة عقب ما قصد من إبطال أمره، وجمع الجنود بعد


الصفحة التالية
Icon