اي أضاف الليل إلى السماء لأنّ الليل والنهار بحركتها، ولم يرتض ما في الكشاف من قوله: لأنّ الليل ظلها فإنه اعترض عليه بأنه ظل الأرض لا ظلها، والجواب بأنه باعتبار ظاهر الحال في رأى العين لا محصل له والأولى ما ذصب إليه المصنف من أنه لما بينهما من الملابسة لأنه بحركتها. قوله: (وأبرز ضوء شمسها) أبرز تفسير لأخرج وضوء الشمس تفسير للضحا لأنه كما قال الراغب: انبساط الشمس وامتداد النهار وسمي الوقت به انتهى، ففيه مضاف مقدّر هنا لأدنى ملابسة كما مرّ وقوله: يريد النهار أي المراد بضحاها هنا النهار لوقوعه في مقابلة الليل فكني بالضوء عنه، أو المراد بقوله: أخرج ضحاها النهار كما قيل والأوّل أقرب. قوله تعالى: ( ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ ) قد مرّ الكلام فيه، ومعارضته للأية الأخرى والجمع بينهما قال ابن عباس رضي الله عنهما خلق الله الأرض من غير أن يدحوها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات ثم دحى الأرض بعد ذلك فلا ينافي قوله: ﴿خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء﴾ [سورة البقرة، الآية: ٢٩] فسقط ما قيل إنه ينافي قوله: ﴿خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ﴾ ولا يمكن التوفيق بأنه خلق أصل الأرض قبل السماء ودحاها بعده لأنّ ما في الأرض بعد الدحو، وقد مرّ فيه تفصيل فتذكره. قوله: (ورعيها) قال في الكشف هو بالكسر الكلأ وبالفتح المصدر والمرعى يقع عليهما وعلى الموضع بل وعلى الزمان أيضاً فقول المصنف، وهو في الأصل لموضمع الرعي محل نظر إلا أنه لكونه أشهر معانيه جعل كأنه موضوع له كما قيل، والمرعى ما يأكله الحيوان غير الإنسان فأريد به هنا مجازاً مطلق المأكول للإنسان وغيره، فهو مجاز مرسل من قبيل المرسن، وقال الطيبي: يجوز أن يكون استعارة مصرّحة لأنّ الكلام مع منكري الحشر بشهادة قوله: ﴿أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا﴾ كانه قيل: (أيها المعاندون الملزورّون) في قرن البهائم في التمتع بالدنيا والذهول عن الآخرة. قوله: (لأنها حال بإضمار قد الخ) وكلاهما مقتض لترك العاطف قيل: وعلى الوجهين لا يثبت تقدم الدحو على خلق الجبال كما مرّ في السجدة بل الأول مقتض لتقدم خلق الجبال لتقريب قد للماضي من الحال، والدحو البسط وهو غير إخراج الماء والمرعى نعم الدحو سبب لهما. قوله: (وهو مرجوح لأنّ العطف على فعلية) سبقه إليه الزجاح، وأورد عليه أنّ قوله: بناها بيان لكيفية خلق السماء، وقوله: رفع سمكها الخ بيان
للبناء وليس لدحو الأرض وما بعده دخل في شيء من ذلك فكيف يعطف عليه ما هو معطوف على المجموع عطف القصة على القصة والمعتبر فيه تناسب القصتين، وهو حاصل هنا فلا ضير في الاختلاف بل فيه نوع تنبيه على ذلك هذا مع أنه يجوز عطف الأرض على السماء من حيث المعنى كأنه قيل: السماء أشد خلقا والأرض بعد ذلك أي والأرض بعد ما ذكر من السماء أشد فيكون وزان قوله: دحاها أخرج منها مآها ومرعاها، وزان قوله: بناها رفع سمكها فسواها، وحينئذ فلا يكون قوله: بعد ذلك مشعرا بتأخر دحو الأرض عن بناء السماء. قوله: (تمتيعاً لكم الخ) إشارة إلى أنّ المتاع بمعنى التمتيع فنصبه على المصدرية بفعله المقدر أو هو مفعول له قيل: والأوّل أولى لأنّ الخطاب لمنكري الحشر والمقصود هو تمتيع المؤمنين فلا يلائم جعل تمتيع الآخرين كالعرض، وأورد عليه أنّ خطاب المشافهة وإن كان خاصا بالحاضرين إلا أن حكمه عام كما تقرّر في الأصول فالمآل إلى تمتيع الجنس وأيضاً النصب على المصدرية بفعله المقدر لا يدفع المحذور لكونه استئنافاً لبيان المقصود. قوله: (الداهية الخ) أي هو بمعنى أعظم الدواهي لأنها من طم بمعنى علا كما ورد في المثل جرى الوادي فطم على القرى، وعلوها على الدواهي غلبتها عليها ومآله إلى كونها أعظم وأكبر قيل: فالوصف بالكبرى مؤكد، ولو فسر كونها طامة بكونها غالبة للخلائق لكان الوصف بالكبرى مخصصاً، وقد قيل: ما من طامّة إلا وفوقها طامّة، والغلبة والكبر من الأمور النسبية فالمراد بكونها تغلب الدواهي أنها تفوق ما عرفوه من دواهي الدنيا مع أنها كما قاله الجوهري: غلبت على القيامة، والمراد بكونها كبرى إنها أعظم من جميع الدواهي مطلقا ففيه مبالغة وفائدة زائدة لا كما توهمه هؤلاء القائلون. قوله: (التي هي كبر الطامات) أي الدوإهي وفيه إشارة إلى أنّ المعنى أنها أعظم من كلى عظيم فالوصف تأسيس لا تأكيد كما مرّ مع أن الطامة الكبرى لمعين هنا كالعلم، وقوله: أو الساعة الخ قيل: فإذا ظرف لمجيء


الصفحة التالية
Icon