الله بأنه لا يسلم فلا يصح أن يكون في حق من
تحقق إيمانه لأنّ ما ذكر يدل على أنه من أهلها أي النار وقوله: لذلك أي لما حكى عنه من مقاله، فإنّ الإشارة كإعادة الموصوف وصفاته، وترتب الحكم على الوصف مؤذن بالعلية. وقوله: وقد جب بالبناء للمجهول أي قطع عنه ورفع ذلك إشارة إلى ما ورد في الحديث من أنّ الإسلام يجبّ ما قبله. وقوله: إن كان أي صح صدوره منه فكان تامّة، و، قوله: لإسلامه متعلق بقوله جبّ، ولا يخفى أنّ خصوص السبب لا يخصص الحكم فاذا أثبته ذلك للجنس لا ينافي خروج بعضهم من أحكامه الأخروية، وما قيل من أنّ ما ذكره المصنف رحمه الله أولى من قوله: في الكشاف إنه كان من أفاضل المسلمين، وسرواتهم لسلامته عن الإيراد باحتمال سوء الخاتمة، وأنّ هذا في حق الكفار، فلا ينافي ما سيأتي من أنّ المظالم لا تغفر بالإيمان كلام مختل مضطرب لأنّ احتمال سوء الخاتمة لأفاضل الصحابة مما يلتفت إليه لا سيما من هو صدّيق ابن صديق، وما ذكره من المظالم سياتي ما فيه. قوله: (كقوله في أصحاب الجنة) يعني إنه واقع في مقابلته، فهو مثله إعرابا ومبالغة ومعنى. وقوله: على الاستئناف في جواب سؤال مقدر وقوله: مراتب توطئة للتغليب الآتي. وقوله: من جزاء ما عملوا إشارة إلى أنّ الجارّ والمجرور صفة درجات بتقدير مضاف فيه، وجمن بيانية أو ابتدائية، وما موصولة أو مصدرية. وقوله: من الخير والشر بيان لما أو من تعليلية بدون تقدير، وهو ظرف مستقرّ لا متعلق بكل كما قيل إلا أن يراد التعلق المعنوي. قوله: (جاءت على التنليب) أي للدرجات على الدركات لأنّ قوله لكل معناه لكل من الفريقين، والجنسين المستحقين للثواب والعقاب محال، ومراتب سواء كانت درجات أو دركات. وقوله: لكل بحسب الظاهر يأبى التغليب فتدبر. قوله: (وليوفيهاً الخ) فيه مضاف مقدر كما مرّ، وهو متعلق بمحذوف تقديره جازاهم بذلك وقد قرئ في السبعة بالياء التحتية والنون، وقراءة السلمي بتاء فوقية على الإسناد للدرجات مجازا وجملة وهم لا يظلمون حال مؤكدة أو اسنئناف. وقوله: بنقص ثواب الخ تقدّم أنه لو وقع لم يكن ظلماً وتأويله ما مرّ! من أنه لو صدر من العباد كان ظلماً. قوله: (يعذبون بها) يعني أن عرضهم على النار إمّا مجاز عن تعذيبهم من غير قلب، فهو كقولهم عرض على السيف إذا قتل كما مرّ أو بمعناه الحقيقي على القلب وهو الوجه الثاني ولما كان خلاف الأصل مرضه المصنف رحمه
الله وقال أبو حيان إنه لا قلب في قولهم عرضت الناقة على الحوض لأنّ عرض الناقة على الحوض والحوض على الناقة صحيحان، وأنكر القلب في الآية. وقال إنه يرتكب للضرووة ولا ضرورة تدعو إليه هنا، ولا يخفى أنّ الزمخشري لم يخترع القلب في المثال المذكور بل سبقه إليه الجوهريّ، وغيره قال في عروس الأفراح المعروض ليس له اختيار والاختيار إنما هو للمعروض عليه فإنه قد يقبل، وقد يرد فعرض الناقة على الحوض مقلوب لفظا والقلب قد يكون لفظاً كخرق الثوب المسماو، ومعنى كقوله:
كأنّ لون أرضه سماؤه
وأمّا الآية ففي كونها من القلب ما سمعته، وقال السبكيّ إنها من القلب المعنويّ لا اللفظي لأنّ الكفار مقهورون، فكأنهم لا اختيار لهم والنار متصرفة فيهم، فهم كالمتاع الذي يتصرّف فيه من يعرض عليه كقولهم عرضت الجارية على البيع، والجاني على السيف والسوط، ومن الغريب قول ابن السكيت في كتاب التوسعة تقول عرضت الحوض على الناقة وأنما هو عرضت الناتة على الحوض على عكس ما مرّ، وهو مخالف للمشهور (أقول) الدّي لاح لي هنا أنّ العرض إن اعتبر فيه حركة المعروض، أو تحريكه نحو المعروض عليه وارادة المعروض عليه لما عرض عليه باختياره، أو ترجيحه وتمييزه كعرضت الرأي عليه لا يكون عرض الناقة على الحوض والكفار على النار وعكسه حقيقة لتخلف القيود المعتبرة فيما وضع له، ويصح كل منها على المجاز فعرض الناقة والكفار بمعنى السوق لأنّ المعروض يساق للمعروض عليه فهو في معنى وسيق الذين كفروا إلى جهنم وعكسه إعدادها وتهيئتها كقوله: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [سورة البقرة، الآية: ٢٤] لأنّ المعروض يهيا لتوجيهه للمعروض عليه وإن اعتبر الأوّل فقط كان عرض الناقة على الحوض، والكفار على النار حقيقة وعكسه من باب القلب وإن اعتبر الثاني كان على العكس، ومنه عرفت منزع الخلاف وأنّ ما ذكره المعترض كلام سطحي ناشئ من عدم


الصفحة التالية
Icon