وما قيل من أنّ الشق يكون بمعنى الإيجاد والأحداث، وبمعنى الهيئة الحاصلة به ولا مرية في أن محدث تلك الهيئة في الأرض هو الله تعالى دون العبد فلا مانع من قيام الشق به كالإحياء والإماتة، وجعل الإسناد له حقيقياً، وأمّا القياس على الخوف والطمع فغير سديد لأنه من الكيفيات النفسانية التي يستحيل قيامها بذاته تعالى غير سديد لما عرفته من اتفاق المحققين على أن الأفعال إنما تسند في اللغة لمن قامت به لا لمن أوجدها، والإحداث المذكور قائم بالعبد وأثره بالأرض فكيف يسند إلى الله حقيقة، وما ذكره مناقشة في المثال وهو لا ينحصر فيه. قوله: (يعني الرطبة) هي بفتح فسكون القضب ما دام رطبا كما في الصحاح عن أبي عبيد، وفي المصباح الرطبة القضبة خاصة قبل أن تج! وجمعه رطاب وبعضهم يقوله: رطبة بزنة غرفة الخلي، وهو الغض من الكلا الذي ترعاه الحيوانات، وفي كتب الفقه في العشر استعمال الرطبة بمعنى البقول كالكراث ونحوه، قال شيخنا المقدسي: ولم أجده في اللغة، وقوله: تقضب أي تقطع وتجز وأصولها ثابتة في الأرض. قوله: (عظاماً) المراد بعظمها عظم أشجارها وكثرتها وأصل الغلب جمع أغلب وهو الغليظ الرقبة توصف به الرقبة نفسها وصاحبها فيقال عنق أغلب ورجل أغلب لكن الأوّل هو الأغلب، والظاهر أن الثاني مجاز من وصف الكل بصفة جزئه، وقوله: وكثرة أشجارها عطف على تكاثفها عطفاً تفسيريا والمراد أنه استعارة معنوية شبه تكاثف الأوراق وعروقها بغلظ الأوداج وانتفاخ الأعصاب مع اندماج بعضها في بعض بغلظ الرقبة فلا يردان الغلظ في الأشجار أقوى لأنّ الأمر بالعكس نظرا إلى الاندماج، وتقوي البعض بالبعض حتى صارت شيئاً واحداً، كذا حققه في الكشف وهو الذي أراده المصنف بقوله: وصف به الخ وقوله: أو لأنها ذات أشجار غلاظ الخ فهو مجاز مرسل كالمرسن بمعنى الغليظ الشفة مطلقا وفيه تجوّز في الإسناد أيضا لأنّ الحدائق نفسها ليست غليظة بل الغليظ أشجارها، وقوله: مستعار أراد به الاستعارة اللغوية، وهو أعم من الاصطلاحية، وقيل: إن الاستعارة فيه مكنية. قوله: (ومرعى) بمعنى الرعي والمأكول لا اسم مكان كما توهم وإن كان مقصودا، وأب المشدد بمعنى قصد أو هيأ فسمى به المرعى، وقوله: تؤب للشتاء أي تدخر. تهيأ للتفكه بها فعطفه على
الفاكهة لأنه أريد بها الرطبة بقرينة المقابلة، وقوله: فإن الأنواع الخ يعني أنه تعليل للمجموع فإنّ بعضها للناس، وبعضها للبهائم فيوزع وينزل كل على مقتضاه والعلف بفتحتين قوت الحيوان. قوله: (وصفت بها مجارّا) هذا بناء على أن صخ بمعنى أصاخ أي استمع فجعلت مستمعة مجازاً في الطرف أو الإسناد وكلام المصنف رحمه الله تعالى محتمل لهما، وقال الراغب: الصخ شذة صوت ذي النطق فعلى هذا هي بمعنى الصائخة مجازاً أيضا وقيل الصاخة: التي تؤثر الصمم وهي مستمعة وهو من بديع الفصاحة كقوله:
أصم بك الناعي وإن كان اسمعا
وقوله:
أصمهم سيرهم أياهم فرقتهم فهل سمعتم بسيريورث ا!
فتدبره وجواب إذا محذوف يدل عليه ما بعده كيشتغل كل بنفسه ونحوه مما يناسب ما بعده، أو افترق الناس وقد مرّ في النازعات مثله فتذكره. قوله: (لاشتفاله بشأنه الخ) يعني الإقبال عليهم إما للنفع أو للانتفاع وكلاهما منتف لاشتغاله بنفسه عن نفع غير. وعلمه بعدم نفعه فلذا يفر فالمجموع علة واحدة لا كل منهما كما توهمه عبارة الزمخشري، وقوله: أو للحذر الخ هو غير مناسب لما بعده. قوله: (وتأخير الأحب الخ) فهو للترقي لا للتنزل، والظاهر أنه لم يقصد ذلك لأنّ فيما ذكره نظرا لا يخفى مع اختلاف الناس، والطباع فيه وذكر المرء تغليبا أو لأنه يعلم منه المرأة بطريق المقايسة، وقوله: من أبويه قيل: لأنه جعل الأب معطوفا على الأمّ ثم عطف المجموع على الأخ لعدم ظهور كون الأب أحب إليه من الأمّ وفيه نظر ظاهر أيضا، وكذا قوله: بل من صاحبته، وبنيه اعتبر العطف للمجموع ولا يخفى تكلفه. قوله: (لكل امرئ الخ) قيل إنه جواب إذا وتركت الفاء لتقدير. مضارعا أو ماضياً بدون قد وهو تكلف، وقوله: وقرئ يعنيه أي بفتح الياء التحتية والعين المهملة، وقوله: من أسفار الصبح أي إشراقه، وقوله: مستبشرة أي مسرورة من بشر بمعنى سرّ وقوله: كدورة أي تغير في اللون، والغبار على الوجه الأسود أشنع، وقوله: الذين جمعوا الخ يعني أنه


الصفحة التالية
Icon