التحسين والتقبيح فإشارة الآية إلى أن باعثهم على القتل لم يكن الذنب لا إلى أنّ الذنب أعنى ما تستحق به الموؤودة التعذيب معدوم من كل وجه، وفيه أنها غير مكلفة فكيف يكتب عليها الذنب انتهى، وفيه خلل من وجوه إمّا كونه مبنياً على التحسين والتقبيح فمما لا شبهة فيه وكيف ينكره ودلالة النص متفزعة على ذلك وجوابه مصرّح بذلك والمنع مبني عليه كما صرّح به في الكشف وأيضا فإن ما أورده على صاحب الكشف غير وأرد لأنه مصرج بأن المراد ما يستحق به العذاب، ولو بغير طريق التكليف، وهو إلزام لهم على مذهبهم والصحيح في الجواب عنه ما قيل إنّ تعذيب بني آدم أخذا من حقه في الدنيا، إنما يستحق بذنبه على الوجه الذي شرع فحين لم يكن للموؤودة ذنب يجوز أن يخاصم قاتلها فإمّا تعذيب الله فليس كذلد فيجوز أن يعذبهم تبعاً انتهى. قوله: (فرقت بين أصحابها) والمفرق صحف الأعمال، أصحف أخرى فيها شقيّ أو سعيد ونحوه كما روي في بعض الآثار إذا كان يوم القيامة تطاير! صحف من تحت العرش فيقع في يد المؤمن صحيفة فيها جنة عالية، وفي يد الكافر صحيفه فيها سموم وحميم، وقوله: للمبالغة في النشر بمعنييه، وهو ما يقابل الطيّ أو الجمع والتطا-
التفرق، وهذا مخصوص بالمعنى الثاني وقوله: كما يكشط الخ إشارة إلى أنه استعارة لمعنى أزيلت وقوله: اعتقاب أي إبدال كل من الأخرى، وقوله: إيقادا شديدا هو معنى التسعر وضعا، وقوله: وقرأ الخ هي رواية عن هؤلاء وروي عنهم التخفيف أيضا. قوله تعالى: ( ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ الخ) معنى علمها إنها تشاهدها على ما هي عليه في الحقيقة فإن كانت صالحة ترى في أحسن صورة وإلا ترى في أشنع هيثة كما قرّره بعض المفسرين. قوله: (ست منها في مبادي قيام الساعة الخ) قيل هو على التفسير الأول لحشرت، وعلى الثالث إذا أريد الإماتة في الدنيا عند النفخة الأولى، وقيل الظاهر أنّ المراد به ما بين النفختين لظهور أنّ الست الأولى ليست قبل النفخة الأولى وإلا لعدّت من الأشراط، فإن قلت قد ثبت أنّ موت الناس والخلائق إلا بعض الملائكة بعد النفخة الأولى فكيف يتصوّر تعطيل العشار وحشر الوحوس بزوال وحشتها من الدهشة قلت قد قيل: إنه لم يثبت وقوع الموت في ابتداء تلك النفخة، فيحتمل أن يحصل في ابتدائها دهشة تؤدي لتعطيل النوق وحشر الوحوس، ثم تؤدي تلك الدهشة لهلاك الكل وقال بعض فضلاء العصر يكفي في صحة الكلام جريانه على أحد الوجوه في تينك الخصلتين، وهو أن يكون تعطيل العشار بمعنى تعطيل السحاب وأن يكون حشر الوحوس بمعنى إماتتها ولا يلزم إجراء الكلام على جميع الوجو. ، ثم قال: إنّ الأظهر أن المراد بما قبل فناء الدنيا مجموع ما قبل النفخة الأولى وما بعدها إلى النفخة الثانية فإنّ جميعه من مبادي الساعة ويكون بعض الست قبل الأولى، وهو تعطيل العشار وحشر الوحوس على وجهين والبعض الآخر فيما بعدها ولا يلزم عدّها في الأشراط مستقلة لأنها من آثاو بعضها، وقد قيل عليه أيضاً إنّ كونه بين النفختين مخالف لما قاله في سورة النبأ من أنّ الدنيا تنتهي عند النفخة الأولى فتدبر، وقوله: لأنّ المراد الخ أي هو زمان ممتد وقعت فيه تلك الأمور وعلمه النفوس إذا أحضرت. قوله: (ونفس في معنى العموم) لأنّ النكرة قد تعم في الإثبات وذكر العلامة له نكتة وأنه من استعمال ما يدل على القلة والخصوص في الكثرة والعموم كما ترد قد ورب للتكثير، وهو من العكس في كلامهم كأنه تهويل لذلك اليوم واظهار لكبرياء الله وعظمته حتى كان جميع النفوس البشرية في جنب ما خلقه من الأجرام العظام أمور قليلة، ونفوس حقيرة وقيل: إنه إذا علمت نفس من النفوس ما أحضرت من خير أو شر لزم كل نفس ذات بصيرة رجاء، أو خوف أن تكون هي تلك النفس ففي النكرة تقليل ادعائي حينئذ. قوله: (تمرة خير من جرادة) قاله ابن عمر رضي الله عنهما لبعض أهل الثأم، وقد سأله عن المحرم إذا قتل جرادة أيتصدق بتمرة فدية لها فقال: ذلك يعني لا يلزمه شيء، ولذا قال: واعجبا لأهل الشام لا يبالون بدم الحسين ويستفتون في
قتل الجرادة، وهي هنا عامّة في الإثبات، ولذا ساغ الابتداء بها ولا حاجة لتأويله بالنفي أي لم تجهل، لا تساوي تمرة جرادة حتى تعم وشموغ الابتداء بها فإنه تكلف وفي شرح المفتاح إن تمرة لا عموم فيها والعموم، إنما جاء من تساوي نسبة الجزء إلى أفراد الجنس وكأنه نظر إلى منافاة العموم للوحدة والإفراد وهي إنما تنافي العموم الشمولي فتدبر. قوله:


الصفحة التالية
Icon