إلا أنه يبدل قوله ثمة لا خير فيه بلا شرّ فيه، وعليّ فعيل من العلو سمي به لأنه سبب الارتفاع إلى أعالي درجات الجنان أو لأنه مرفوع في السماء السابعة مع الملائكة المقرّبين تعظيماً له. قوله: (يحضرونه (على أنه من الشهود بمعنى الحضور، وقوله: فيحفظونه إشارة إلى أنّ الحضور عنده كناية عن حفظه في الخارج لا في العلم، والذهن كما توهم أو يشهدون على أنه من الشهادة فقوله: يشهدون معطوف على يحضرونه لا على يحفظونه كما توهم. قوله: (على الأسرة) جمع سرير وهو معروف، والحجال جمع حجلة بفتحتين وهو بيت مريع من الثياب الفاخرة يرخى على السرير يسمى بديارنا ناموسية، وقوله: إلى ما يسرهم لم يقل إلى أعدائهم ليكون ما في آخر السورة تأسيساً فلذا لم يفسره به كما في الكشاف، وقدر هذا بقرينة المقام والمتفرجات جمع متفرجة بصيغة المفعول وهو المكان النزه النضر ذو المياه والخضر، والناس يقولون تفرّج وتنزه إذا ذهب لمثل هذه الأمكنة، وإن لم يستعمله العربيّ القح، وما قيل من أنّ ينظرون بمعنى لا ينامون من تحريف الكلم كقوله: إنّ في تعرف ضميرا على الرفع وفي وجوههم الخ مبتدأ وخبر، وقوله: خالص أي صاف مما يكدر حتى القول. قوله: (مختوم أوانيها بالمسك مكان الطين) لأنّ الختام ما يختم به كما في الصحاح، وقوله: مكان الطين أي في مكانه بأن يجعل بدلاً عنه لأنه لا طين في الجنة وطينها مسك معجون، وأنما ختم بما هو على هيئة الطين ليكون على الشكل المألوف ولأنه يختم كل ما يكرم ويصان، ولذا قال: ولعله الخ فإنه لا حاجة لختمه وليس ثمة غبار أو ذباب أو خيانة ليصان عنه بالختم. قوله: (أو الذي له ختام أي مقطع) أي آخر فإنّ الختم كما يكون بمعنى جعل ما هو كالغطاء على الفم يكون بمعنى بلوغ الآخر، والخاتمة ما يقابل الفاتحة، وهي النهاية على معنى أنّ رائحته تظهر في الانتهاء كأنه للتلذذ والى الغاية إنما تدرك رائحته إذا انقطع الشرب والا فلا وجه للتخصيص والمقطع بفتح الميم الآخر
هنا، وقوله: ما يختم به لأنّ فاعلاً بالفتح يكون اسم آلة كالقالب لكنه سماعي. قوله: (يعني الرحيق الخ) وهذا هو المناسب لما بعده، ولذا قدمه أو لما ذكر من أحوالهم والبعد لعلوّ المرتبة أو لكونه في الجنة، وقوله: فليرتغب المرتغبون افتعال من الرغبة أي يجتهد كل واحد في الرغبة فيه وسبق غيره إليه وهو تفسير بالأخفى، وقوله: وفي ذلك متعلق بقوله: فليتنانس، وقدم للحصر أي فيه لا في خمور الدنيا أو للاهتمام لكنه استشكل ذكر العاطف حينئذ إذ لا يصح وفليتنافس فقيل إنه بتقدير القول أي ويقولون لشدة التلذذ من غير اختيار في ذلك الخ، وقيل: هي على تقدير حرف الشرط أو توهمه وتقديم الظرف ليكون عوضا عنه ويشغل حيزه وهو الأحسن، واعلم أنّ المنافسة فسرت بالمبادرة إلى كمال تشاهده من غيرك فتنافسه فيه حتى تلحقه أو تجاوزه فتكون أنفس منه أو مثله وهو من شرف النفس وعلوّ الهمة والفرق بينه وبين الحسد ظاهر. قوله: (علم لعين بعينها) في قوله بعينها لطف لا يخفى كما في قول الدماميني رحمه الله تعالى:
بداوقدكان اختفى وخاف من مراقبه
فقلت هذاقاتل بعينه وحاجبه
ولا يلزم منع صرفه للعلمية والتأنيث لأن العين مؤنثة إذ هي قد تذكر بتأويل الماء والنهر ونحوه وفي قوله: بعينها إشعار بذلك لأنّ التأنيث في العين لفظي فتأمّل. قوله: (سميت تسنيماً الخ) يعني انه في الأصل مصدر سنمه بمعنى رفعه، ومنه السنام فسميت به لأنها كما قيل: تجري في الهواء فكأنها مرتفع أو لرفعة من يشربها وهذه مناسبة للوضع فليس إشارة إلى التجوّز فيه. قوله: (فإنهم يشربونها صرفاً) الضمير للمقرّبين فشرابهم صرف التسنيم لاشتغالهم عن شرب الرحيم المختوم بمحبة الحيّ القيوم كما قيل:
شربنا على ذكر الحبيب مدامة سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم
وقوله: على المدح بأعني مقدوة، أو الحال من تسنيم لأنه علم ولا يضرّه كونه جامداً لتأويله بمشتق كجارية مع أنه غير لازم، وقوله: والكلام في الباء الخ من كونها زائدة أو بمعنى من أو صلة الامتزاج أو الالتذاذ. قوله تعالى: ( ﴿كَانُواْ﴾ الخ) قيل: الجمع بين الماضحي
والمضارع وتعريف اليوم يدل على أنهم في نعيم الآن، وفيه نظر وقوله: متلذذين بالسخرية قدره لدلالة ما قبله عليه، وقوله: وما أرسلوا الخ هو استهزاء وتهكم بهم، وقوله: فاليوم الخ التفريع للدلالة على أنه جزاء سخريتهم في الدنيا. قوله: (هل أثيبوا) ثوّبه وأثابه بمعنى جازاه