المخصوص وأنّ الإعادة له لا للروح المجرّدة، وفيه بحث. قوله: (بمعنى ذي دفق) إشارة إلى أنّ الماء مدفوق لا دافق فلذا قيل: إنّ اسم الفاعل بمعنى المفعول كما أنّ المفعول يكون بمعنى الفاعل كحجاباً مستوراً كما مرّ، وهو كلام ظاهري والصحيح أنه بمعنى النسبة كلابن وتامر أي ذي دفق وهو صادق على الفاعل والمفعول، أو هو مجاز في الإسناد فأسند إلى الماء ما لصاحبه مبالغة أو هو استعارة مكنية وتخييلية كما ذهب إليه السكاكيّ أو مصرّحة بجعله دافقا لأنه لتتابع قطراته كأنه يدفق بعضه بعضا أي يدفعه كما أشار إليه ابن عطية. قوله: (وهو) أي الدفع صبّ فيه دفع، والنطفة لا
توصف بالصب إلا بأحد الوجوه السابقة، وما نقل عن الليث من أن دفق بمعنى انصب فدافق بمعنى منصب من غير تأويل قالوا الصحيح إنه لم يثبت كما صزج به صاحب القاموس وغيره، وقد يقال: إنه بيان لحاصل معناه في الآية لأن أهل اللغة لا يفرقون بين الحقيقة والمجاز فلا وجه لنقله هنا مع التصريح بما ذكر. قوله: (والمراد الممتزج من الماء ير ني الرحم (فصارا بالامتزاج ماء واحداً فلذا فال تعالى: من ماء ولم يقل من ماءين مع أن الإنسان لا يخلق من ماء واحد ولذا كان روح الله عيسى ﷺ توالده خارق للعادة كما ذكره الحكماء، وقوله: لقوله يخرج الخ إشارة إلى أن الترائب مخصوص بالمرأة كما قال ابن الخازن في تفسيره ترائب المرأة هي عظام الصدر والنحر وقال ابن عباس هي موضعالقلادة من الصدر وعنه أنه ما بين ثدسيى المرأة اهـ، فسقط ما أورد عليه من أن مراده اختصاص الترائب بالمرأة فيكون المراد بما ذكر أنه ماء ممتزج من ماءين لكن الاختصاص ممنوع كما يعلم من تتبع كتب اللغة وقد ذكر السمين ما يقرب من كلام ابن الخازن وعليه استعمال العرب كقوله:
ترائبها مصقولة كالسجنجل
ولولا خوف الإطالة أوردنا له نظائر ولو سلم ما ذكره دفع أيضا بأن تعريفه للعهد والى ما
ذكر أو لا يشير الزمخشري بتفسيرها بعظام الصدر حيث تكون القلادة وهو جمع تريبة، وقيل: الترائب التراقي. قوله: (ولو صح أنّ النطفة الخ (إشارة إلى ما طعن به بعض الملحدة بأن التطفة لا تخرج من بين الص! لب والترائب سواء أريد مخرجها البعيد أو القريب وفي قوله: لو صح إشارة إلى ما قاله الإمام من أنه غير صحيح فإنه مبني على تخيلات لا أصل لها فاللائق بنا أن نتبع ما نطق به الكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه وندع التقليد لمثل هؤلاء. قوله:) من فضل الهضم الرابع) إشارة إلى ما تقرّر في الطب من أن الغذاء ينضهم أوّلاً في الفم بالمضغ وثانياً في المعدة بطبخها له بالحرارة الطبيعية الموقدة في مطبخها، ثم تجذب صفوته بعروق متصلة بها إلى الكبد فتهضمه هضما ثالثاً، ثم إلى الأعضاء جميعها فينهضم فيها هضماً رابعاً بعده لتنمية الأعضاء وبقائها وما زاد على ذلك ينفصل عن جميع الأعضاء إلى مقر المني بعد أن أوح فيه خلاق القوى والقدر ما يستعد به للتوليد والتخلق، وقوله: ومقرها الخ شروع في بيان ما طعن به بأنّ مقرها العروق المذكورة ومبدؤها جميع الأعضاء فكيف يكون مخرجها بين الصلب والترائب. قوله: " نّ الدماغ أعظم الأعضاء الخ) هذا شروع في الجواب
بعد المنع المشار إليه بقوله: لو صح أي لا نسلم صحته، ولا يلزمنا تأويل كلام الله ليوافق خيالات هؤلاء، ولو سلم تولده من جميع الأعضاء فأعظمها في ذلك الدماغ، ولذا كان المنيّ مشابها له لونا ورطوبة، وغير ذلك ورأينا مكثر الجماع يضعف دماغه فدلنا ذلك على أنّ له دخلا قوياً في التوليد، وقوله: بالضعف الباء متعلقة بالإسراع للتعدية أي يجعل الإفراط في الجماع الضعف سريعا فيه، وقوله: وله أي للدماغ خليفة أي قائم مقامه في كل ما يكون كالمعونة المذكورة، والنخاع مثلث النون خيط أبيض في جوف عظم الرقبة ممتد إلى الصلب ويتشعب منه شعب كثيرة إلى الأضلاع وينزل إلى الترائب على ما بين في علم التشريح والصلب، والترائب أقرب إلى وعاء المني في مقره فلهما زيادة مدخل في توليدها وقرب مقرها بالنسبة إلى سائر الأعضاء، ولذلك خصا بالذكر من بينها. قوله: (وشعب كثيرة الخ) قيل عليه إن تلك الشعب أعصاب لا تجويف لها فلا تعلق لها بالدماغ، وتخصيص الترائب بالنساء غير ظاهر وقد مرّ ما فيه، ئم قيل إنّ الوجه انّ النخاع والقوى الدماغية والقلب كلها تتعاون في إبراز ذلك الفضل على ما هو عليه قابلاً للتوليد وقوله: بين الصلب والترائب عبارة مختصرة جامعة لتأثير الأعضاء الثلاثة فالترائب تشمل القلب، والكبد