المصنف كيف ي! مال: إن ما بعده لا يناسب الثاني، نعم قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾ على هذا ينبغي أن يجعل من الاستخدام ولا بعد قيه.. قوله: (وإلهام الفجور الخ) أي لا إلقاؤهما في القلب حتى يحمله ذلك على أن يفجر أو
يتقي بل تعريفه بذلك بحيث يميز رشده من ضلاله كما في قوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [سورة البلد، الآية: ٠ ا]، وقوله: أو التمكين الخ أي جعله متمكناً وقادراً على كل واحد منهما سواء قلنا إنه بخلق الله كما هو مدّهب أهل الحق أو بيخلق العبد كما هو مذهب المعتزلة فلا دليل فيه لهم كما توهمه الزمخشري، والى ردّه أشار المصنف رحمه الله، واستدلاله بجعله فاعلا للتزكية والتدسية ومتوليهما ليس بشيء لأنّ الإسناد يقتضي قيامه به لا صدوره عنه، وكون إسناد مثل هذه الأفعال حقيقة يقتضي الإيجاد مصادرة فاسدة لعوده على المدعي بعينه، وبما قرّرناه علم أنّ: الأوصاف لا تنافي تفسيره بآدم. قوله: (أنماها) فالتزكية بمعنى التنمية ولو جعل بمعنى التطهير من دنس الهيولى صح أيضاً، وقوله: وحذف اللام الخ لأنّ الماضي يقترن بهقد واللام في الأغلب فحذفت لطول جملة الجواب المقتضي للتخفيف أو لسدّه مسدّها وهذا دفع لأنه لو كان جواباً اقترن باللام، وعلى هذا قوله: كذبت ثمود الخ استطراد لمناسبته للجواب، وقوله: لما أراد به أي بقوله: قد أفلح الخ وتكميل النفس هو تزكيتها بالعمل والعلم، وقوله: والمبالغة يصح عطفه على الحث وتكميل، والمبالغة إمّا بجعله محققا ماضياً وجعله عين الفلاج، أو من جعل تنقيص شيء منه خيبة وخسرانا وهذا بيان لوجه تخصيص ما ذكر بالمقسم عليه، وقوله: أقسم عليه أي على هذا القول أو التكميل، وقوله: بما يدلهم هو ما ذكر من المصنوعات العظيمة فإنها تدل على صانع موصوف بما ذكر وفاعل زكاها ضمير من لا ضمير يعود على الله، والعائد الضمير المؤنث لأنّ المراد به النفس لأنه تعسف غير لازم كما بين في شروح الكشاف، وقوله: يذكرهم الخ بما خلق لهم في الآفاق والأنفس من النعم المقتضية لشكر المنعم بها، وقوله: الذي هو أي الشكر هو منتهى العمل وهو شامل لاعتقاد الجنان وعبادة الأركان وتنزيه اللسان ولا يضرّه كون الاعتقاد نظريا لأنه زيادة غير مضرّة أو يقال: المراد
بالشكر ما يظهر منه، والأوّل مما لا يطلع عليه غير الله، ومن هو صاحبه فلا غبار عليه. قوله: (وقيل هو اسثطراد الخ) أي قوله: قد أفلح الخ أمر مستطرد كما ذهب إليه الزمخشريّ والجواب ما قدّره لدلالة المذكور عليه ورد ما اختاره الزجاج، وتبعه المصنف بلزوم حذف اللام وبأنه لا يليق أن يجعلى التزكية، وهي من أدنى الكمال لاختصاصها بالعمليات مقصودة بالأقسام، ويعرض عن التحلية بالعقائد التي هي لب الألباب، وزبدة ما مخضته الأحقاب، ولو سلم عدم الاختصاص فهي مقدمة التحلية في البابين وأمّا حذف جواب القسم فكثير فصيح لا سيما في الكتاب العزيز، والمصنف لم يلتفت لشيء منه لأنّ حذف اللام كثير لا سيما وهنا ما يرجحه من الطول وقد ذكره هو في قوله: قد أفلح المؤمنون فما عدا مما بدا مع أنه أسهل من حذف الجملة بتمامها الذي اختاره هو، ولأنّ التزكية لا اختصاص لها كما أشار إليه في تفسيرها وليست مقدمة بل مقصودة بالذات ولذا فسرها بالإنماء دون التطهير، ولو سلم فلا مانع من الاعتناء ببعض المقدمات أحيانا لتوقف المقاصد عليها، وأمّا جعل الأوّل كناية عن الثاني فما لا داعي له فتنبه. قوله: (نقصها) أي نقص تزكيتها أو بعضها بتقصير. في التزكية، وقوله: أخفاها الخ المراد بإخفائها إخفاء استعدادها وفطرتها التي خلقت عليها، وتوله: وأصل دسى الخ هو على الثاني لأنّ الدس الإدخال وهو يستلزم الإخفاء، ويحتمل أنه عليهما والظاهر الأوّل وتقضي أي تقضض، ومعناه هوى كما في قوله:
تقضي البازي إذ البازي كسر
قوله: (بسبب طغيانها) فالباء سببية والطغوى مصدر بمعنى الطغيان، وجعلها الزمخشري للاستعانة في هذا الوجه، وقوله: أو بما أوعدت الخ فالطغوى على الأوّل المعاصي وطغيانها وعلى هذا هو من التجاوز عن الحد والزيادة في العذاب كما في طغى الماء إذا زاد زيادة مفرطة، والباء على هذا صلة كذبت كما في قوله: ﴿كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ﴾ [سورة الأنعام، الآية: ٦٦] وقوله: ذي الطغوى إشارة إلى تقدير مضاف فيه أو تأويله بما ذكر، ويجوز أن يراد بالطغوى العذاب نفسه مبالغة كما يوصف بغيره من المصادر، وقوله: فأهلكوا بالطاغية استشهاد معنوقي على وصف العذاب بالطغيان، وأنه المراد هنا أو الطاغية مصدر كالكاذبة، وقوله: تفرقة بين الاسم والصفة