لا يقتضي منعه في كل محل وهو على غير مذهب الفارسي الذي اتبعه هنا، والنحويون يقدرون كثيراً في الكلام كما قدروا المبتدأ في نحو قمت وأصك قفاه واضرابه، وهو لأجل الصناعة دون المعنى كما نحن فيه والقول بأنه يقتضي تساوي الملفوظ والمقدر، والاسمية وغيرها تطويل بلا طائل، وأمّا كون تقدير المبتدأ في نحو لسوف يقوم زيد فيه تكرير لتقديره لزيد سوف يقوم زيد، وفيه مع ضعف التكرير ضعف الربط بالظاهر في غير مقام التفخيم فلغو فيما نحن فيه. قوله: (لا تدخل مع المضارع إلا مع النون) هذا أحد مذهبين للنحاة والآخر أنه يستثنى ما اقترن بحرف تنفيس كما هنا، أو قدّم معموله عليه نحو لإلى الله تحشرون فإنه يجوز فيه ترك التاكيد كما فصل في شروح التسهيل، والمغني فإذا فصل امتنعت النون وثبتت اللام كقوله:
فوربي لسوف يجزي الذي أس طفه المرء سيئا أوجميلا
فحينئذ لا يتجه ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى مع أن الممنوع في جواب القسم لا في المعطوف عليه كما هنا فإنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، وأنما ذكرت اللام تأكيداً له وتذكيرا بالعطف فيه. قوله: (وجمعها) أي اللام المؤكدة الخ هو دفع لما يتراءى من التنافي بين التأكيد، وحرف التنفيس والتاخير أو لردّ أحتمال أنه لتأكيد التأخير بأنه لتأكيد المؤخر في! - ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، واللام المؤكدة لا تخصص! المضارع بالحال حتى تنافي سوف
بل هي لمطلق التأكيد ويفهم معها الحال بالقرينة لأنه أنسب بالتأكيد، ومن قال: بأنها تخلصه للحال يقول إنها جردت للتأكيد هنا بقرينة ذكر سوف بعدها والأوّل أظهر. قوله: (تعديد الخ) إشارة إلى وجه الفصل وأنه كقوله: أمدّكم بأنعام الآية. قوله: (كما أحسن إلبه فيما مضى الخ) هو حل للشعر المشهور الذي نسب لعليّ كرم الله وجهه وليس له وهو:
توكلت في كل ما أرتجي وفوّضت أمري إلى خالقي
كما أحسن الله فيمامضى كذلك يحسن فيمابقي
وقوله: أو المصادفة معطوف على العلم، وهو على هذا مجاز عن تعلق علمه به لأنّ المصادفة لا تصح في حقه تعالى لأنها ملاقاة ما لم يكن في علمه وتقديره كذا قيل، وهو على الأوّل مجاز فإنّ أصل معنى وجدته أصبتة تلى صفة ويلزمه العلم كما ذكره الرضي وهو يقتضي أنّ حقيقته المصادفة وانه في العلم مجاز وهو مخالف لكلامهم هنا فتامّله. قوله: (عن علم الحكم) جمع حكمة، وهي العلوم الحقة النافعة فالضلال مستعار من ضل في طريقه إذا سلك طريقاً غير موصلة لمقصده لعدم ما يوصله للعلوم النافعة، وهو ما ذكر من الوحي وما بعده. قوله: (وقبل وجدك ضالاً الخ) فهو بمعناه الحقيقيّ، ومرضه لأنّ مثله بالنسبة لما قدّمه لا يعدّ من نعم الله تعالى على مثل نبيه ﷺ التي يمتن بها عليه، وقوله: عن عمك أوجدك لف ونثر مرتب على الوجهين وكون ضلاله في الطريق لا ينافي كونه عند باب مكة فانه طريق أيضاً لدار عمه أو جده، وحليمة مرضعته ﷺ وهي معروفة وهذا إشارة إلى ما رواه سعيد بن المسيب أنه ﷺ لما سافر مع عمه أبي طالب أتاه إبليس، وأتباعه فأخذ زمام ناقته وعدل به عن الطريق فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام ونفخ إبليس نفخة وقع منها بالحبشة وردّه إلى القافلة، وكذا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من أنه ﷺ ضل، وهو صغير عن جده في شعاب مكة فرآه أبو جهل فردّه لجده وهو حديث ثابت في السير. قوله: (فقيرا ذا عيال) اعترض عليه بأن عال بمعنى افتقر يأبى مصدره العيل، وعال صار ذا عيال مصدره العول وهو واوي فلا يجوز الجمع بينهما في تفسير، وأيضاً الأحسن ترك قوله: ذا عيال لكونه ليس كذلك في أوّل أمره ولا يخفى أنه مشترك والمصنف رحمه الله تعالى ممن يجوّز استعماله في معنييه فإن قيل إن
مع اختلاف المادّة غير جائز فقد يقال: إنّ المراد به ذا عيال، ودلالته على المعنى الآخر بطريق اللزوم والاستتباع، وقيل المراد: إطلاقه على كل منهما على البدل. قوله: (بما حصل لك من ربح التجارة الم يقل بما أفاء عليك من الغنائم، كما في الكشاف لأنّ السورة مكية، والغنائم إنما كانت بعد الهجرة، وقيل: إنه لم يذكر المفعول فيها ليدل على سعة الكرم والمراد آواك، وآوى لك وبك وهداك وبك ولك وأغناك وبك ولك