وقوله: وأظهر صنعا وتدبيراً أظهر به صنعة أي مصنوعيته، ومدبريته أي كونه مدبراً أموره لأنه أنفسي مشاهد لكل أحد فهما مصدرا
المبني للمفعول. قوله: (وأدل على وجوب العبادة الخ) بيان لارتباطه بما قبله ولما كانت القراءة عبادة فالأمر بها أمر بالعبادة دال على وجوبها وجميع الموجودات تدد على الصانع المنعم بالخلق وشكره بالعبادة له واجب فما هو أشرف، وأظهر أدل على ما ذكر فافهم. قوله: (أو الذي الخ) فيقدر الإنسان ويعلق الخلق بمفعول خاص والإبهام من عدم ذكره والتفخيم بالتفسير بعد الإيهام والفطرة بمعنى الخلق أو المراد أنّ الأوّل ذكر مطلقا ثم بين فتدبر. قوله: (جمعه الخ) أي قال: علق دون علقة كما في الآية الأخرى لأنّ الإنسان المراد به الجنس فهو في معنى الجمع فلذا جمع ما خلق منه ليطابقه قيل، وخصه دون غيره من التارات لأنه أدل على كمال القدرة من المضغة، وهو وإن لم يكن أم! من النطفة بالمقام فهو مستلزم لها مع مناسبة الفواصل، وأطلق عليه جمعاً وهو اسم جنس جمعي كتمرة وتمر إمّا تسمحاً أو هو جمع لغوي، ومعنى قوله: جمعه أتى به جمعا لأنّ المجموع مفرده لا هذا، ولذا قيل: فيه تسمح. قوله: (نزل أوّلاً) هذا بناء على أنّ أوّل هذه السورة أوّل نازل كما مرّ فالمراد نزل في أوّل ما أوحاه للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وبين وجهه بأنّ أوّل واجب على المكلف معرفة الله تعالى وهذه الآيات دالة عليه والدال على وجوده كونه ربا وعلى فرط قدرته كونه خالقاً وكمال حكمته في جعله علقة المشار به إلى التارات، وقيل: المراد نزل في أوّل السورة ما يدل على معرفة الله وبعده ما يدل على عبادته في قوله: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ [سورة العدق، الآية: ١٠] وهو بعيد من كلامه بمراحل. قوله: (تكرير) على أنّ الثاني عين الأوّل والمبالغة من تأكيد الأمر حتى كأنه أمر به ووجب عليه مرتين، وقوله: مطلق أي عن قيد التبليغ للناس أو كونه في الصلاة المذكورة بعده، وقوله: ولعله الخ إشارة إلى ما في حديث البخاري من أنه لما قال له: ﴿اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ فقال: ما أنا بقارى وما فيه نافية أو استفهامية كما بين في شرحه فقال له: ﴿اقرأ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾ الخ فلا يكون تأكيداً ولا مقيداً بما ذكر من التبليغ للناس أو بكونه في الصلاة بل الأوّل أمر له بالقراءة فلما ساله ما أقرأ أو قال له إني أميّ ولست بقارئ قال له: ﴿اقرأ﴾ الخ فقوله: ﴿وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾ حال على هذا وعلى الأول استئناف وعلى الثاني يحتملهما، وقوله: فقيل الخ الفاء لبيان تعقيبه لما قبلها فلا يلزم طرحها وذكرها أولى فتأمّل.
قوله:) الزائد في الكرم الخ) فافعل على ظاهره والمفضل عليه محذوف لقصد العموم كما في الله أكبر أي من كل كبير، وقوله: يحلم الخ فإنّ حلمه تعالى مع ما هم عليه من كفران النعم ومع عدم الخوف غاية في الكرم، وقوله: بل هو الكريم الخ يعني أنه ليس المقصود به التفضيل بل المبالغة في زيادة الكرم المطلقة لأن حقيقة الكرم إعطاء ما ينبغي لا لغرض وهو لا يشاركه فيه غيره. قوله: (الخط بالقلم) فمفعوله مقدر والجار والمجرور متعلق بالمفعول المقدر، وقوله: وقد قرئ به هي قراءة ابن الزبير علم الخط بالقلم، وقوله: لتقيد الخ متعلق بقوله: علم بيان لحكمة تعليم الله الخط لعباده، وقوله: ويعلم به البعيد من الإعلام أي يعلم بالخط الأمر البعيد، وقوله: بخلق القوي أراد بالقوى الحواس الباطنة، وقوله: فيعلمك القراءة الخ بيان للمراد منه وأنه داخل فيما ذكر دخولاًاً وّلياً. قوله: (وقد عدد الخ) المبدأ من كونه علقة ومنتهاه كونه عالماً محصلاً ما جهله من المعلومات وأخس المراتب كونه نطفة جمادية وأعلاها كمال الإنسانية، وقوله: تقريراً لربوبيته أي كونه مربياً لخلقه بترقيها في أطوارها، وقوله: كرميته حيث أنعم بوجوده، ثم أفاض عليه شآبيب جوده ظاهرة وباطنة محسوسة ومعنوية، وقوبه: عقلا هو ما يعلم من كونه خالقا لكل شيء وربا له وسمعا من قوله: علم الخ فمانّ الآيات وهي الدلائل السمعية مندرجة فيها كما أشار إليه المصنف رحمه الله والمراد هنا ما يدل على ما لا يتوقف ثبوته على الشرع كوجود الباري تعالى. قوله: (وإن لم يذكر الخ) لأنّ مفتتح السورة إلى هذا المقطع يدل على عظيم منته على الإنسان فإذا قيل: كلا يكون ردعا للإنسان الذي قابل تلك النعم بالكفران والطغيان، وكذلك التعليل بقوله: إن الإنسان فقيل إنه قدر بعد قوله. ما لم يعلم ليشكر تلك النعم الجليلة فطغى وكفر كلا الخ، وقيل: كلا بمعنى حقاً لعدم ما يتوجه إليه الرح. قوله: (ولذلك جاز أن يكون فاعله ومفعوله ضميرين لواحدا لأنه لا يكون ذلك في غير أفعال القلوب، وفقد وعدم ولو كانت بصرية امتنع ذلك فيها والمسألة فيها خلاف، فذهب جماعة إلى أنّ رأي البصرية تعطي حكم العلمية وجعل منه قول عائشة رضي


الصفحة التالية
Icon