نعبد خبر يراد به الأمر وعبر به لأنه أقرب إلى الإجابة ولجعله كأنه أمر محقق يخبر عنه، وقوله: فيما يستقبل متعلق بلا أعبد، وقوله: فإن لا لا تدخل الخ هذا قول للنحاة وهو ظاهر كلام سيبويه في الكتاب وهو أغلبي أو مقيد بعدم القرينة القائمة على ما يخالفه أو هو كليّ ولا حجر في التجوّز والحمل على غيره لمقتض فلا يرد اعتراض أبي حيان، وقوله: إنه غير صحيح ونقضه ببعض الشواهد والتوفيق بينها بعد ما مرّ من الزوائد فإن أردته فراجع كتب النحو المفصلة. قوله: (أي فيما يستقبل لأنه ورّان لا أعبد) وفي نسخة في قران بدل وزان أي واقع في مقابلته أو مقارن له في النظم لفظا ومعنى لأنّ المقصود أنه في المستقبل لا يعبد معبوداتهم كما أنهم في المستقبل لا يعبدون معبوده لعدم الاعتداد بعبادتهم لله مع الإشراك المحبط لها وجعلها هباء منثوراً كما قيل:
إذا صافى صديقك من تعادي فقد عاداك وانفصل الخصام
وانما جعل المقابلة قرينة على إرادة الاستقبال لأنها داخلة هنا على الاسم وهي معه لا
تتقيد بزمان. قوله: (أي في الحال أو فيما سلف (قيل عليه إنّ اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي لا يعمل إلا عند الكسائي وهو هنا عمل في ما وهو وارد على الزمخشري لا على المصنف رحمه الله فإنه جعله من المحتملات، ولم يجزم به فيرد عليه إلا أن يقال إنه منصوب بفعل مقدر مستأنف أو هو من حكاية الحال الماضية كباسط ذراعيه، ومعناها أن تقدر نفسك كأنك موجود في ذلك الزمان أو تقدر ذلك الزمان كأنه موجود الآن وفسرها الزمخشري بأن تقدر إن ذلك الفعل الماضي واقع حال التكلم، وقال إنما يفعل هذا في الماضي المستغرب يحضر في تصوّر المخاطب ليتعجب منه وليس هذا بظاهر هنا إلا أن يقال: إن ترك عبادة ما اتفقوا على عبادته ممن نشأ بينهم مستغرب يتعجب منه، وأنما يحتاج إلى هذا إذا اشترط فيه ذلمك وكلام أهل العربية خال عنه مع أنه قد يقال: يكفي الاستغراب المقرر في قوله: ﴿وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ﴾ وهذا أتى به وسوغه مشاكلته، وإن لم يقصد به الاستغراب مع أن عبارة الزمخشري هكذا ما كنت قط عابدا فيما سلف ما عبدتم يعني لم تعهد مني عبادة صنم في الجاهلية فكيف ترجى مني في الإسلام انتهى، وهو صريح في الاستمرار فليس بماض صرف وما أجاب به أوّلاً عبارته إن لم تنب ع! نه لا تلائمه. قوله: (أي وما عبدتم في وقت مّا) عبادة معتدا بها خالية عن الإشراك كما مرّ وكان المناسب لوزان ما قبله وقرانه أن يقول: ما عبدتم في الحال أو فيما سلف لأن هذه العبارة صريحة في الاستمرار وأنما عبر بها الزمخشري لما مرّ لأن طريقته مخالفة للمصنف رحمه الله وكأنه فسره بتفسير مجمل اعتماداً على ما قبله. قوله: (ويجوز أن يكونا) أي الجملتان في قوله، ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ﴾ الخ تأكيدين لجملتي لا أعبد المتقدمتين وقوله: على طريقة أبلغ حيث عدل إلى الاسمية الدالة على الثبوت فتدل على ثبوت الانتفاء عنه وعنهم دائماً بعدما كان في المستقبل فلا وجه لما قيل إنه من التغليب لأنّ الأبلغية إنما هي في التأكيد الأول حيث عدل فيه إلى الاسمية، ولمغايرته له بما فيه من الاستمرار جاز عطفه بالواو فلا يرد عليه إنّ التأكيد لا يكون مع عاطف غير ثم كما قيل. قوله: (وإنما لم يقل ما عبدت الخ) قوله: ليطابق تعليل للمنفي، وقوله: لأنهم الخ تعليل للنفي وقوله: (كانوا موسومين) أي معروفين مستعار من السمة وهذا مأخوذ من إيقاع العبادة صلة موصول دالة على أنه معهود مقرر وكون عبادة الأصنام سمتهم لا كلام فيه، وقوله: لم يكن موسوماً بعبادة الله أراد العبادة البدنية الثبوتية المخالفة لشعائرهم الظاهرة كما يدل عليه جعله سمة فلا يرد كونه موحداً غير متبع لما هم عليه متجنبا لأصنامهم ورجسهم، ولا حجة في طوافه ونحوه وأتباعه شعائر إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأنها كانت من المكارم الغريزية عندهم، وأن كان "! حوو يتقرب بها لأنهم لا يطلعون
على ما في ضميره فلا ينافي هذا كونه متعبداً بشرع قبل البعثة على القول به كما توهمه أبو حيان، وغيره ولا مخالفة بين كلام الزمخشري وكلام المصنف رحمه الله كما توهم. قوله: (وإنما قال ما دون من الخ (أطلق السؤال، وإن كان المحتاج للتأويل قوله: ما أعبد فقط لاستتباع أحدهما للآخر مع أنه أخصر وأتم، وقوله: الصفة أي المعبود بحق والمعبود بباطل، وما إذا أريد بها الصفة تطلق على ذوي العلم وغيرهم كما مرّ والى ما ذكر أشار بذكره الباطل وقرينه، وقوله: أو للمطابقة أي المشاكلة فإن الشيخين يريدان بها ذلك، وإن