تغلل فأبدلت إحدى لاميه غينا وفي التعبير به إشارة إلى ما في النظر من التدبر بلطف، وقوله: غني عن الكل الخ الغني من كونه ملكا عظيما، ومصارف جمع مصرف وهو مصدر ميمي بمعنى الصرف، وقوله: المستحق الخ من كونه إلها. قوله: (في وجوه الاستعاذة الخ) المعتادة صفة لوجوه فإن عادة من ألنم به مهمّ أن يرفع أمره لسيده ومربيه كوالد به فإن لم يقدرا على رفعه رفعه لملكه وسلطانه فإن لم يزل ظلامته شكاه إلى ملك الملوك، ومن إليه المشتكي والمفزع ونزل اختلاف الصفات منزلة اختلاف الذوات فلذا لم يكتف بواحد منها، وتدرج فيها كما عرفت ولولا هذا التنزيل لم يتحقق التدرج المذكور، وما قيل من أن الإتيان بصورة التعداد وترك العاطف دلالة على هذا لا يلائم كلام المصنف، وعطف البيان فإنه ينافي التعدّد وليس مثله بمحل العطف حتى يدعي تركه لما ذكر، وفيه إشارة إلى عظم المستعاذ منه وأنّ الآفة النفسانية أعظم من المضار البدنية حيث لم يكرر ذلك المستعاذ به ثمة وكرره هنا إظهارا للاهتمام في هذه دون تلك. قوله: (وتكرير الناس الخ) فإنّ الإظهار أنسب بالإيضاح المسوق له عطف البيان وأدل على شرف الإنسان فإن الإظهار في مقام الإضمار يدل على التعظيم، والتفخيم وإن لم يكن في لفظ المظهر إشعار بذلك كما صرح به الإمام المرزوقي في أوّل شرح الحماسة، وقيل: لا تكرار هنا فإنه يجوز أن يراد بالعام بعض أفراده فالناس الأوّل بمعنى الأجنة والأطفال المحتاجين للتربية والثاني الكهول والشبان لأنهم المحتاجون لمن يسوسفم، والثالث الشيوخ لأنهم المتعبدون المتوجهون لله وفيه تأمّل. قوله: (الوسوسة (قال ابن مالك فعلل ضربان صحيح كدحرج وثنائي مكرر نحو كبكب وصلصل ولهما مصدران مطردان فعللة وفعلال بالكسر كزلزال، وهو أقي! فيه وامّا الفتح فإن ورد فيه فشاذ لكنه كثر في المكرر كتمتام، وفأفاء وهو للمبالغة كفعال في الثلائي كما قالوا: ثرثار للمكثر ووطواط للضعيف والحق أنه صفة وجعله مصدراً كوسواص أريد به الموسوس، ونحوه تجوّزاً عن الشيطان أو بتقدير ذي مما لا داعي له كما جنح إليه الزمخشريّ وتبعه المصنف، وليس في الكلام فعلال بالفتح في غير المضاعف غير خزعال بمعجمتين ناقة بها ظلع، وزاد ثعلب قهقاراً وقال: غيره هو جمع وقيل: صوابه قهقر وزاد غيره قسطال، وهو الغبار وفي التسهيل فعوال
بالكسر يكون مصدر فوعل كحيقال وظاهر كلام المصنف أنه اسم مصدر والفرق بين المصدر واسم المصدر أنّ اسم الحدث إن اعتبر فيه صدوره من الفاعل فمصدر والا فهو اسم مصدر، وقال الرضي: اسم المصدر ما بدئ بميم زائدة كمقتل أو كان اسم عين استعمل بمعنى المصدر وفيه كلام ليس هذا محل بسطه. قوله: (الخناس) هو صيغة مبالغة أو نسبة، وقوله: وذلك كالقوّة الوهمية تنظير لا تفسير وتمثيل فإنّ السياق لا يساعده، وكذا قوله من الجنة وما قيل من أنّ التشبيه في الخنوس والوسوسة، كما قيل: فإنّ الوهم شيطان رجيم لا محصل له، وقوله: بيان للوسواس بمعنى الموسوس، وقوله: من جهة الجنة إشارة إلى أن من ابتدائية كما في الكشاف، وإذا قدر قطعه رفعاً ونصباً حسن الوقف على الخناس وجوّز فيه الحالية من ضمير يوسوس والبدلية من قوله: من شر بإعادة الجار وتقدير المضاف والبدلية من الوسواس على أنّ من تبعيضية والوسوسة من جهة الجنة بان يلقى في قلبه علمهم بالغيب ونفعهم وضرهم ومن جهة الناس كذلك بالكهانة والتنجيم. قوله: (وفيه تعسف (لأنه بناء على ما نقل عن الكليّ من أنه يقال: ناس من الجن والمعروف خلافه مع ما فيه من جعل قسم الشيء قسيماً له، ومثله لا يناسب بلاغة القرآن، وإن سلم صحته والتعسف سلوك غير الجادة والمراد به التكلف بلا طائل. قوله: (إلا أن يراد الخ) فيكتفي بالكسرة عن الياء، وهذا مع تكلفه أقرب مما قبله، وقد قرى قوله تعالى من حيث أفاض الناس بكسر الناس شذوذاً، ثم إنه قيل: إنّ حروف هذه السورة غير المكرر اثنان وعشرون حرفا وكذا حروف الفاتحة بعدد السنين التي نزل فيها القرآن، وهو سر بديع كما قيل إنّ الحروف فيه أو لها باء وآخرها سين فكأنه قيل بس لأنه كاف عن كا! ما سواه إشارة إلى قوله: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾ [سورة الأنعام، الآية: ٣٨] ومثله من الرموز كثير لكن لا ينبغي أن يقال إنه مراد الله تعالى، وقوله عن النبيّ ﷺ الخ حديث موضوع. اللهم إنك تعلم أني مخضت أيامي عن بذرتها وأعلمت مطايا الجدّ وجياد النظر في ميادين حلبتها


الصفحة التالية
Icon