مخصوص بالخبر، وقد يرد لغيره مقيداً، وهو حقيقة أو مجاز على اختلاف فيه، وظاهر عطفه الإخبار عليه أنه عنده إنشاء، وقد مرّ في سورة الأنعام ما يخالفه وفيه اختلاف قيل، والكلام فيه مضطرب فإن قلنا إنه خبر عما يأتي تقيد قوله إخبار بأنه عما مضى حتى يصح التقابل، ثم إنه أورد على أنه إنشاء أنّ الإنشاء منحصر في الطلبي، والإيقاعي وليس واحداً منهما أمّا الأوّل فظاهر، وأمّا الثاني فلأنّ مجرّد قولك! رمنك لا يقع به الإكرام، ولا يحصل، وقيل أصله إنشاء لإظهار ما في النفس مما يسر المخاطب، وما تعلق به وهو الموعود خبر كما قيل كان لإنشاء التشبيه، وهذا كله ناشئ من عدم فهم المراد منه فإن قيل المراد إكرام في المشقبل فهو خبر بلا مرية، وإن قيل معناه العزم على إكرامه، وتعجيل المسرة له بإعلامه فهو إنشاء فتدبر ٠ قوله: (والتعبير عنه بالماضي لتحققه) هذا وجه الشبه المصحح والمرجح فإن أخباره تعالى كلها كذلك فهو لتسلية المؤمنين، وتعجيل مسرة البشارة بما هو محقق، ثم إنه على هذا استعارة تبعية، وقد قال السيد استعارة الفعل على قسمين أحدهما أن يشبه مثلاً
الضرب بالقتل، ويستعار له اسمه، ثم يشتق منه قتل بمعنى ضرب ضربا شديدا، والثاني تشبيه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي في تحقق الوقوع فالمعنى المصدري موجود في كل من الطرفين لكنه قيد بقيد يغاير الآخر فصح لذلك اهـ، وقال بعض الأفاضل: يجوز أن يكون اشعارة الماضي للمستقبل تبعية بتشبيه الزمان المستقبل بالزمان الماضي في الظرفية لأمر محقق فلا حاجة إلى تكلف ما التزموه من تصحيحه بتقييد المصدرين بقيدين متغايرين كما مرّ فاكتفوا فيه بالتغاير الاعتباري دون الذاتي المعروف في أمثاله، وقال بعضهم: الداعي له أنّ الزمان مدلول الهيئة، وهي ليست بلفظ، والاستعارة تجري في الألفاظ، وهو ليس بصحيح فإنّ الخبر إذا استعمل مجازاً في الإنشاء كان التصرّف في الهيئة بلا كلام فما زعمه دليلاَ ليس بشيء، ثم إنّ المجاز المرسل في الأفعال لا يسمى تبعياً كما يعلم مما وجهوه فلا وجه للتوقف فيه، وأنما أرخينا عنان البيان هنا تبعاً لبعض علماء العصر، وتتميما للفائدة. قوله: (أو بما اتفق له الخ) قيل الظاهر تأخير التعليل، وهو قوله لتحققه عن قوله وفدك لأنه يعم الوجهين، وترك لفظ عنه (أقول) هو غفلة منه فإنهما وإن اشتركا في المجازية نوعان مختلفان فلا يصح نظمهما في سلك واحد إذ الأوّل استعارة، والثاني مجاز مرسل، وهو مجاز المشارفة أو الأوّل فإن أردت تفصيله فانظره في أنواع المجاز من الاتقان، وفي الباب الثامن من المغني فلله درّ المصنف ما أبعد مرماه وأدق نظره، وفي الكشاف عدة له بالفتج، وجيء به على لفظ الماضي على عادة رب العزة سبحانه في أخبار. لأنها في تحققها، وتيقنها بمنزلة الكائنة الموجودة كأنه قال يسرنا لك فتح مكة اهـ، وأورد عليه أنه على رأي أهل السنة ظاهر لأنه إخبار بإيجاد الفتح، وتحصيله للرسول ﷺ بل وقوعه بلفظ الماضي فكان وعداً به على أبلغ وجه، وأمّا على رأيه فدونه خرط القتاد لقوله الفتح الظفر بالبلد عنوة أو صلحا بحرب أو بغيره، وهو من أحوال البشر التي يمتنع إسنادها لضميره تعالى فيجب المصير إلى جعله مجازاً عن تيسيره، واقامة المسبب مقام السبب كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ﴾ [سورة النحل، الآية: ٩٨] وقد بينه حيث قال كأنه قال الخ فالظاهر حمله على التيسير أي التسهيل الحاصل وقت الإخبار لا الوعد بالفتح المتوقع فإنّ موسى عليه الصلاة والسلام سأله تعالى بقوله: يسر لي أمري أن يسهل أمره، وهو خلافته في أرضه، وما يصحبها كما مرّ، وقد أجيب إليه في موقف الدعاء بقوله: قد أوتيت سؤلك يا موسى، ولم يباشره بعد وحمله على الوعد بإيتاء السؤل له مع كونه خلاف الظاهر لا يجدي فيما نحن فيه إذ غايته كونه عدة بالتيسير المقارن للفتح لا عدة بالفتح نفسه إلا أن يكتفي بالعدة الضمنية المفهومة من تلك العدة أو من الأخبار السابق بالتيسير (أقول) الإسناد هنا مجازي من إسناد ما للقابل للموجد عندنا لأنه الفاعل الحقيقي لغة عند أهل اللسان وإن كان الفاعل في نفس الأمر هو الموجد كما زعمه المعتزلة فالإسناد مجازيّ عندنا، وعندهم فأشار العلامة إلى جهة التجوّز في الإسناد بقوله كأنه الخ، وليس بيانا للتجوّز في الفتح على أنه بمعنى التيسير كما
توهمه وإن كان مجازا مرسلا لا استعارة كما صرّح به، وليس مثله إلا من قلة التدبر، وسوء الظن بالسلف قال