العرفي أي جميع حجراته صلى الله عليه وسلم، وقوله: فأسند فعل الأبعاض إلخ
يعني أنّ الذين ينادونه لم ينادوه من وراء كل حجرة كما هو في الوجه الأوّل بل ناداه بعضهم من حجرة وآخر من أخرى، ومذا بناء على أنّ الاستغراق إفراديّ لا شموليّ مجموعي ولا أنه من مقابلة الجمع بالجمع المقتضي لانقسام الآحاد على الآحاد لأنّ من ناداه ﷺ من وراء حجرة منها فقد ناداه من وراء الجميع كما لا يخفى، وقوله: وقيل إنّ الذي نادا ٥ الخ مرضه لضعف الرواية فيه أو لعدم القرينة الدالة على تعينه إلا أنّ سبب النزول لا يلزم فيه ذلك وقوله وأنما أسند الخ مرّ ما فيه فتذكره. قوله تعالى: ( ﴿أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ (لما كان نفي العقل عنهم ليسى على ظاهره إذ المراد أنهم لا يجرون على مقتضى العقل من مراعاة الأدب لا سيما مع أجل خلق الله وأعظمهم عليه ﷺ كما أشار إليه المصنف بقوله: إذ العقل الخ ورد أنّ الظاهر لا يعقلون من غير ذكر الأكثر وأجيب بأن التقييد لأنّ منهم من لم يقصد ترك الأدب لأمر مّا، أو المراد بالقلة التي يدل عليها نفي الكثرة العدم فإنه يكنى بها عنه وحذف لا من سيما وقد مرّ ما فيه مرارا والمراد بالمنصب مقام النبوة. قوله: (أي ولو ثبت صبرهم الخ) إشارة إلى أنّ أنّ المفتوحة المؤوّلة بالمصدر هنا فاعل فعل مقدر، وهو ثبت والقرينة عليه معنى الكلام فإنّ إن وأن تدل على الثبوت، وفي تقدير الفعل إبقاء لها على أصلها من دخولها على الفعل فإنها في الأصل شرطية مختصة بالفعل فلذا اختار هذا المصنف على كونها بتأويل مبتدأ لا خبر له أو خبره مقدر وكون خبر أن بعدها فعل دائما أو في اكثر مفصل في كتب النحو، وقوله: انتظارهم عطف على صبرهم عطف تفسير فإنه المراد بالصبر هنا. قوله: (وجب إضمار الفعل) أي لدلالة أن على التحقق والثبوت، وهو إنما يكون في الماضي حقيقة لأنّ ما يقع في المستقبل لا يعد ثبوتا في نفس الأمر إلا باعتبار أنه سيثبت فيه وكذا الحال إنما ثبوته باعتبار ما مضى منه، وهذا يقتضي تقديره ماضيا، وأمّا بيانه بأنّ تعريف الفعل للعهد والمراد به الفعل المعهود وهو الماضي المشتق من الثبوت لئلا يرد عليه أنه لا دلالة فيما ذكر عليه بل دلالته على
إضمار الخبر أظهر لأنّ حق الدال التقدم على المدلول عليه فتقدير لو أنّ صبرهم ثابت أظهر فتكلف بما لا يجدي لكنه لا يخفى ما في كلام المصنف من التسامح والخفاء فتدبر. قوله: (وحتى تفيد أنّ الصبر الخ) بيان للفرق بين إلى، وحتى واختيار حتى هنا دون إلى بأنّ حتى موضوعة لما هو غاية في نفس الأمر وإلى غاية لما هو غاية في نفس الأمر أو بجعل الجاعل فلذا اختيرت هنا كما أشار إليه بقوله: ينبغي أن يكون مغعى بخروجه يعني أنّ انتظارهم إلى أن يخرح إليهم أمر لازم لأنّ الخروح لما جعله الله غاية كان كذلك في الواقع فهي أبلغ في الدلالة على المراد وأخصر لعدم لزوم التصريح بأن معها، ولا تنافي بقاء الخيرية بعد الخروج أيضا بخلاف إلى. قوله: (ولا تقول حتى نصفها الخ) لأنّ مجرورها لا بد من كونه آخر جزء أو ملاقياً له هذا ما ذهب إليه الزمخشري تبعا لكثير من النحاة وليس مما تفرد به كما توهمه ابن مالك وأمّا ما أورد عليه من قوله:
عينت ليلة فمازلت حتى نصفهاراجيافعدت بؤسا
فعلى تسليم أنه من كلام من يعتد به مع أنه نادر شاذ لا يرد مثله نقضا مدفوع بأنّ معنى
قوله عينت ليلة أي وقتاً للزيارة وزيارة الأحباب يتعارف فيها أن تقع في أوّل الليل فقوله حتى نصفها غاية لوقت الزياوة المعهودة، وأمّا الجواب باختصاصها بذلك إذا صرّح بذي الغاية، وهذا ليس كذلك لأنه لم يقل ما زلت في تلك الليلة حتى نصفها، وإن كان المعنى عليه فليس بشيء لأنه إذا سلم أنّ ذا الغاية الليلة فهو مذكور بقوله: ليلة إذ لا فرق بين التعريف والتنكير فيه فتدبر. قوله: (وفى إليهم الخ) يعني أنه ليس زائداً بل قيد لا بدّ منه لأنه لا بد من علمهم بأنّ خروجه لأجلهم إذ لو خرح لغير ذلك لا بد من البقاء على الانتظار كما لو كان خروجه لحاجة أخرى. قوله: (لكان الصبر الخ) يعني أنّ اسم كان ضمير مستتر يعود على المصدر الدال عليه قوله، ولو أنهم صبروا كقوله من كذب كان شرّاً له أي الكذب، وقوله: وفدوا أي قدموا على النبيّ ﷺ والضمير لقوم من العرب، وهم بنو العنبر لأنّ النبيّ يك! رو بعث إليهم سرية


الصفحة التالية
Icon