بها من المهالك أنفع من السحب، والسحب لما فيها من الأمطار أنفع من الرياح أو يعكس لأنّ الملائكة لا تختص بالمنافع كالسفر، والسفن ليست كالسحب، وهي ليست كالرياح أو هو بالنظر إلى الأقرب فالأقرب منا كما قيل فتدبر ولا تغتر بما وقع لبعض الفضلاء هنا من التوقف من غير داع له. قوله: (من التفاوت) بضم الواو مصدر تفاوت، وفي أدب الكاتب إنه مثلث الواو ولا نظير له فأعرفه. قوله: (وإلا) أي وإن لم تحمل على أمور مختلفة بل جعلت شيئا واحداً لا مطلقا بها، وأريد الريح كما صرّح به فالفاء لترتيب الأفعال، والصفات إذ الريح تذري الأبخرة إلى الجو، أوّلاً حتى تنعقد سحابا فتحمله ثانيا وتجري به ثالثا ناشرة وسائقة له إلى حيث أمرها الله ثم تقسم أمطاره أيضا فسقط الاعتراض عليه بأنه لا يظهر إذا حمل على النساء لتقدم الحمل على الذرو وما تكلف في دفعه أيضاً، وقوله: فتجري به باسطة الخ هو إما من المقام ومقتضى الفاء أو من قوله يسراً فتدبر. قوله: (كأنه استدل الخ) إنما قال كأنه لأنّ القسم بالشيء قد يكون لتعظيم المقسم به، ومخالفتها لمقتضى الطبيعة لأنّ الأصل عدمها، وما في قوله: إنما موصولة، والعائد على الموصولية مقدّر أي توعدونه أو توعدون به، وعلى المصدرية فهو مؤوّل بالوعد أو بالوعيد، والمضارع مضارع، وعد أو أوعد، وقيل إنّ الثاني أنسب هنا. قوله: (ذات الطرائق) يعني أنّ الحبك أصل معناها ما يرى كالطرق في الماء والرمل
وطرق السماء إمّا الطرق المحسوسة التي تسير فيها الكواكب كالمجرّة أو المعقولة التي تدرك بالبصيرة، وهي ما تدل على قدرة الصانع الحكيم إذا تأملها الناظر كما في قوله: ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً﴾، [سورة آل عمران، الآية: ١٩١]. قوله: (أو النجوم) معطوف على قوله الطرائق المحسوسة، والإطلاق إمّا لذات ال! حبك بمعنى الطرق على النجوم فهو حقيقيّ لأنّ لها طرائق أو للحبك نفسها، وهو قول الحسن لأنها تزين السماء كما يزين الثوب الموشي تحبيكه أي نجوم كالطرائق لأنها زينتها، وهو استعارة، واليه أشار بقوله: أو أنها تزينها الخ، وعلى قراءة الحبك بكسرتين فهو اسم مفرد ورد على هذا الوزن شذوذا وليس جمعا كإبل، وقوله: كالبرق بضم ثم فتح جمع برقة، وهي أرض ذات حجارة. قوله: (ولعل النكتة الخ) يريد بيان مناسبة المقسم به هنا، وهو قوله: والسماء الخ للمقسم عليه، وهو قوله: إنكم الخ وجه اختياره كما بينه. في القسم الأوّل حيث قال: كأنه استدل به الخ. قوله: (من صرف (تفسير لقوله: من أفك، وقوله: إذ لا صرف الخ إنما دل النظم على هذا لدلالة يصرف عنه على من صرف فكأنه قيل: لا يثبت الصرف في الحقيقة إلا لهذا فما عداه كلا صرف، وقيل: يصرف عن القرآن من ثبت له الصرف الحقيقي، وهو من إطلاق صرف، وجعله بمنزلة يعطي ويمنع، ويساعده الإبهام في من أفك فإنّ معناه من أفك الإفك التام العظيم، ولولا هذا وحمله على المبالغة لم يفد يصرف من صرف، وضمير كأنه للشأن، أو للصرف المذكور أو لما يغايره فتدبر. قوله: (أو يصرف من صرف في علم الله الخ) وجه آخر لتوجيه هذا التركيب وازالة الأشكال عنه قيل وليس فيه كثير فائدة لأنّ كل ما هو كائن معلوم إنه ثابت في سابق علمه الأزلي، وليس فيه المبالغة السابقة. قوله: (ويجوز أن يكون الضمير للقول الخ) وعن فيه للتعليل كقوله، وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك قيل، ويحتمل بقاؤها على أصلها من المجاوزة بتضمينه معنى الصدور فإفادته للتعليل إنما هو من محصل المعنى، وما له التجوّز في نسبة الصدور إلى القول بإسناد
الشيء لسببه، ولا يخفى ما فيه فإنه لم يسند الإفك إلى القول في النظم، ولكنه لما لم يكن مصروفاً عنه القول، وأنما القول منشؤه جعلت عن في أمثاله للتعليل كما ذهب إليه بعض النحاة، والزمخشريّ في أمثاله يضمنه معنى الصدور كما في المغني، ولا تجوّز في الإسناد فيه، وأنما هو بيان لحاصل معناه. قوله: (ينهون عن كل وعن شرب) تمامه:
مثل المهاير تعن في خصب
يقال جمل ناه إذا كان مفرط السمن والضمير للجماعة أصحاب الإبل لا للإبل وإلا كان
حقه ينهين وهذا أيضا مضمن معنى الصدور أي يصدر تناهيهم في السمن، وقيل: إنه عجز بيت أوّله مثل المهاير تعن في خصب، وضمير ينهون لجماعة الرجال لا للنوق، والا لقيل ينهين، ولو قيل إنه للنوق، وضمير العقلاء لإسناد ما هو من صفاتهم لها كما مرّ في سورة يوسف في قوله: ساجدين جاز. قوله: (الكذابون) لأنّ الخرص التخمين ثم تجوز به عن الكذب، وقوله: من أصحاب الخ بيان للكذابين، وقوله: أجرى مجرى