وبعد؛ فاعلم -هداني الله وإياك للعلم النافع- أنه ليس ثَمَّ في عملي هذا إلا النسخُ والمقابلةُ والتصحيحُ، فإنه إذا استقام لك كلام أبي زكريا؛ وقد بلغتَ من العلم مبلغًا مَّا وصلتَ به إلى كتابه هذا؛ فما أظنُّك في حاجةٍ إلى ما جَرَوا عليه اليوم في تعاطي كتب السلف من الدراسة والعزو والتخريج والشرح والترجمة والفهرسة؛ مما يَدْعُونه تحقيقًا علميًّا؛ فأنت إنما تنتجع كلام أبي زكريا؛ فما أنت وما يكتبون من أنَّ هذه الآية أو تلك في سورة كذا، أو أن هذا البيت أو ذاك أنشده فلان، أو أنه من هذا البحر أو ذاك، أو أن فلانا ممن ورد عليك مترجَمٌ في كتاب كذا؟ فليس ذلك في النساخة بشيءٍ إلا شيئًا بِدْعًا، وإنما نحن نَسَخَةٌ تَبَعٌ، وما وراء ذلك -مما قدَّمت لك- ضربٌ من التأليف آخر. على أنَّ لتطلُّب ذلك في إخراج كتب السلف أهلين، عنه ينافحون، وجرى أناسٌ عليه آخرون لمآربَ أخرى، والله المستعان.