وأنا إِسْتَعِينُ (١)، ولا يقولون: هو يِسْتَعِينُ، بكسرِ الياءِ؛ لأن الياءَ قد يُتركُ كسرُها في الإعرابِ الذي تستحقُّه، فهي هاهنا أولى بأن يُسْتثقلَ فيها الكسرُ؛ ألا ترى أنهم لا يقولون: مررتُ بقاضيٍ (٢)؛ استثقالًا للكسرِ في الياءِ؛ فكذلك استُثْقِل الكسرُ فيها. وقد يقولُ ذلك بعضُ كَلْبٍ، وهي من الشاذِّ.
وقد قَرَأَتِ القُرَّاءُ بالكسرِ في ﴿نِسْتَعِينُ﴾ وفي غيرِها، من ذلك: أنهم قرءُوا: ﴿وَلَا تَِرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتِمَسَّكُمُ النَّارُ﴾، و ﴿مَا تِشَاءُونَ﴾، و ﴿تِخَافُونَ﴾، و ﴿مَالَكَ لَا تِيمَنَّا عَلَى يُوسُفَ﴾، و ﴿أَلَمْ إِعْهَدْ إِلَيْكُمُ﴾، و ﴿قَبْلَ أَنْ إِيذَنَ لَكُمْ﴾، و ﴿يَوْمَ تِبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتِسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾، و ﴿تِطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا﴾.
وما كان مثلَه (٣) من فِعْلٍ قد زِيدَ فيه، مثلُ: اسْتَفْعَلْتُ، وانْفَعَلْتُ، وافْتَعَلْتُ؛ أَجْرَيتُه على هذا المَجْرى، والقراءةُ باللغةِ الأُولى.
وما كان من الفعلِ ليس فيه زيادةٌ فإنما تُكسَرُ التاءُ منه والنونُ والألفُ إذا كانت «فَعَلْتُ» مكسورةَ العينِ، مثلَ: عَلِمْتُ، وجَهِلْتُ، وأما ما كان مفتوحَ العينِ، مثلَ: ضَرَبَ، أو مضمومَ العينِ، مثلَ: شَرُفَ، فلا يقالُ ذلك فيه؛ فخَطَأٌ أن تقولَ: أنت تِشْرُفُ، وخَطَأٌ أن تقولَ: أنت تِضْرِبُ.
وإنما كسروا في «تَفْعَلُ» إذا كان على «فَعِلْتُ»؛ لأنهم أرادوا أَن يُبْقُوا
(٢) في النسخة: «بقَاضِيْ».
(٣) في النسخة: «مِثْلُهُ»، وكأنَّ ضمة اللام كانت فتحةً.