بعده ثلاثة آيات ونصف للعبد دعاء ومسألة، ويكون قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ هو الآية السادسة، وقوله: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ هو الآية السابعة، وبهذا يتحقق التنصيف للفاتحة بين الرب، وبين العبد، ولو كانت البسملة آية من الفاتحة لم يتحقق التنصيف، ولكان قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ وما قبله أربع آيات ونصف آية. وقوله: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ وما بعده اثنتين ونصفًا، فلا يتحقق التنصيف بل يكون ما للرب في هذه القسمة أكثر مما للعبد، وهذا خلاف نص قوله - تعالى - في الحديث «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين» (١).
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٢): «وأما قوله في هذا الحديث: «قال الله تعالى: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل «قال رسول الله - ﷺ -: اقرؤوا، يقول العبد: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، فبدأ بالحمد لله رب العالمين، ولم يقل ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، فهذا أوضح شيء وأبينه أن ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ليست آية من الفاتحة لأن رسول الله - ﷺ - بدأ بـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فجعلها آية، ثم ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، ثم ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ فهذه ثلاث آيا لم يختلف فيها المسلمون.
_________
(١) انظر «تفسير الطبري»
١: ١٠٩، «الجامع لأحكام القرآن» ١: ٩٤.
(٢) ٢: ١٧٢ - ١٧٤، وانظر «أحكام القرآن» للجصاص ١: ٩ - ١٠، «المبسوط» ١: ١٦، «المغني» ٢: ١٥٢.


الصفحة التالية
Icon