راجحة، وذكر عن أحمد أنه يستحب الجهر بها في المدينة، لأنهم ينكرون على من لم يجهر بها. ثم ذكر ابن تيمية- أيضًا- أنه يجوز الجهر بها لبيان أن قراءتها سنة، ثم قال: «ولهذا نقل عن أكثر من روي عنه الجهر بها المخافتة...».
وقال- أيضًا (١) -: «وكون الجهر بها لا يشرع بحال- مع أنه قد ثبت عن غيره واحد من الصحابة- نسبة للصحابة إلى فعل المكروه، وإقراره مع أن الجهر في صلاة المخافتة يشرع لعارض».
وقال- أيضًا (٢) -: «ومع هذا فالصواب أن ما لا يجهر به، قد يشرع الجهر به لمصلحة أحيانًا، لمثل تعليم المأمومين، ويسوغ للمصلين أن يجهروا بالكلمات اليسيرة أحيانًا (٣)، ويسوغ- أيضًا- أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب، واجتماع الكلمة خوفًا من التنفير عما يصلح، كما ترك النبي - ﷺ - بناء البيت على قواعد إبراهيم، لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وخشي تنفيرهم بذلك (٤)، ورأى أن مصلحة
_________
(١) في «المصدر السابق» ٢٢: ٤٠٨.
(٢) في «المصدر السابق» ٢٢: ٤٣٦ وانظر ٢٧٤، ٢٧٥.
(٣) روى النيسابوري في «مسائل الإمام أحمد» ١: ٥٣: «وسئل عن الرجل يصلي بالقوم، فيجهر ب ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، أيصلى خلفه؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس، إذا لم يكن يجهر به شديدًا، قد فعله الصالحون، لا يجهر به شديدًا».
(٤) أخرج البخاري - في كتاب الأنبياء- حديث ٣٣٦٨، وفي التفسير- باب (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) حديث ٤٤٨٤، ومسلم في الحج- باب نقض الكعبة وبنائها- حديث ١٣٣٣ - عن عائشة- رضي الله عنها- زوج النبي - ﷺ - أن النبي - ﷺ - قال: «ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة، اقتصروا على قواعد إبراهيم، فقلت، يارسول الله، ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ فقال: لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت».