وكيف يعبدونه وفق ما شرع، وكيف لهم بمعرفة طريق المنعم عليهم واقتفائه، والحذر من طريق المغضوب عليهم، وطريق الضالين، والبعد عنهما، إلا من طريق الوحي والرسل والرسالات، وكيف يجازون على ذلك حسب أعمالهم إلا بعد البيان وإقامة الحجة عليهم، بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، كما قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)﴾ (٢). وقال حذيفة بن اليمان: «كان الناس يسألون رسول الله - ﷺ - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني» (٣). وكما قيل:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه | ومن لم يعرف الشر حري أن يقع فيه |
قال ابن القيم - رحمه الله - في «مدارج السالكين» (٤): «اعلم أن هذه السورة اشتملت على أمهات المطالب العالية أتم اشتمال،
_________
(١) سورة النساء، الآية: ١٦٥.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ١٥.
(٣) أخرجه البخاري في المناقب - الحديث ٣٦٠٦، ومسلم في الإمارة - باب لزوم جماعة المسلمين الحديث ١٨٤٧.
(٤) ١: ٣٠، وانظر: «التفسير القيم» ص٧ - ١١ وانظر أيضًا ١: ٩٩ - ١٠٠ من «مدارج السالكين».