لا سبيل إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بمعونته، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته.
وقوله: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ يتضمن طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأن الانحراف إلى أحد. الطرفين انحراف إلى الضلال، الذي هو فساد العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل.
فأول السورة رحمة، وأوسطها هداية، وآخرها نعمة. وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية، وحظه منها على قدر حظه من الرحمة، فعاد الأمر كله إلى نعمته ورحمته، والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيته فلا يكون إلا رحيمًا منعمًا، وذلك من موجبات إلهيته، فهو الإله الحق، وإن جحده الجاحدون، وعدل به المشركون، فمتى تحقق بمعني الفاتحة علمًا ومعرفة وعملًا وحالًا فقد فاز من كماله بأوفر نصيب، وصارت عبوديته عبودية الخاصة، الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبدين، والله المستعان».
وقال ابن كثير - رحمه الله- (١): «اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات على حمد الله وتمجيده، والثناء عليه، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد، وهو يوم الدين،
_________
(١) في «تفسيره»
١: ٦٠، وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» ١: ٩٨ «مجموع الفتاوى» ١٧: ٦٧ «التسهيل لعلوم التنزيل» ١: ٣٤، «تيسير الكريم الرحمن» ١: ٣٧.


الصفحة التالية
Icon