للحمد، وإنما يستحق ذلك من هو متصف بصفات الكمال، وهي أمور وجودية، ، فإن الأمور العدمية المحضة لا حمد فيها، ولا خير ولا كمال.
ومعلوم أن كل ما يحمد فإنما يحمد على ماله من صفات الكمال، فكل ما يحمده به الخلق فهو من الخالق، والذي منه ما يحمد عليه هو أحق بالحمد، فثبت أنه المستحق للمحامد الكاملة، وهو أحق من كل محمود بالحمد، والكمال من كل كامل، وهو المطلوب».
وقال ابن القيم (١) - رحمه الله تعالى-: «الحمد يتضمن مدح المحمود بصفات كماله، ونعوت جلاله، مع محبته والرضا عنه والخضوع له، فلا يكون حامدًا من جحد صفات المحمود، ولا من أعرض عن محبته والخضوع له. وكلما كانت صفات كمال المحمود أكثر كان حمده أكمل، وكلما نقص من صفات كماله نقص من حمده بحبسها. ولهذا كان الحمد لله، حمدًا لا يحصيه سواه، لكمال صفاته وكثرتها، ولأجل هذا لا يحصي أحد من خلقه ثناء عليه (٢)، لما له من صفات الكمال، ونعوت الجلال التي لا يحصيها سواه...».
والذين قالوا معنى الحمد الثناء، معناه عندهم: الثناء عليه - تبارك
_________
(١) في «مدارج السالكين» ١: ٤٨، وانظر: «التفسير القيم» ص ٢٥. وانظر - أيضًا-: «تفسير الطبري» ١: ١٣٧، «الكشاف» ١: ٧، «تفسير النسفي» ١: ٣.
(٢) كما قال - ﷺ - في الدعاء «اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك». أخرجه مسلم في الصلاة - باب ما يقال في الركوع والسجود الحديث ٤٨٦ - من حديث عائشة - رضي الله عنها-.


الصفحة التالية
Icon